نحو رؤية اجتماعية تعددية وقبول الآخر

2019-05-08

نحو رؤية اجتماعية تعددية وقبول الآخر

ندوة اقامها قسم الدراسات الاجتماعية


نحو رؤية اجتماعية تعددية وقبول الآخر

تتزايد حدة المشكلات العرقية والقومية والدينية والمذهبية ... في العالم اليوم النامي والمتقدم منه على حد سواء ويتفجر معها ونتيجة لها العنف والإبادة الجماعية ... التي تبدو كمؤشرات على أزمة حادة للروابط الاجتماعية التي تهدد امن وتماسك المجتمع .
وفي إطار سعي قسم الدراسات الاجتماعية في بيت الحكمة لتعزيز مفاهيم المواطنة والديمقراطية والحرص على تمتين وحدة النسيج الاجتماعي والبحث عن عناصر القوة والضعف في الثقافات المحلية وعناصر التضامن والتماسك بين إفراد المجتمع العراقي , تم عقد الندوة العلمية الموسومة ب(نحو رؤية اجتماعية تعددية وقبول الآخر ) بالتعاون مع جامعة كركوك – كلية الآداب –قسم الإعلام وذلك في رحاب جامعة كركوك- القاعة المركزية في الساعة التاسعة والنصف صباحاً من يوم الخميس الموافق 18/4/2019 بحضور أ .م .د سعد علوان المساعد العلمي لرئيس جامعة كركوك وعدد من عمداء وأساتذة الجامعة ومثقفي محافظة كركوك .
تضمنت وقائع الندوة الآتي :-
- 9,30- 10,00صباحا
1-  الافتتاح والذي شمل الفقرات التالية :-
- تلاوة من الذكر الحكيم
- الوقوف دقيقة صمت وقراءة سورة الفاتحة لأرواح شهداء العراق
- كلمة أ.د عباس حسن تقي رئيس جامعة كركوك ألقاها نيابة عنه .م . د معد عاصي علي معاون عميد كلية الآداب .
- كلمة أ .د خليل إبراهيم رسول مشرف قسم الدراسات الاجتماعية في بيت الحكمة
2- جلستين علميتين وقد كانت كالآتي :-
10,10     – 11,30 الجلسة العلمية الأولى
رئيس الجلسة :- أ.د خليل إبراهيم رسول
مقرر الجلسة :- أ.م.د خديجة حسن وبمشاركة الأوراق الاتية:-

1-    أ.د هاشم حسن التميمي – جامعة بغداد  (عناصر تشكيل الصورة )
2-    أ.م.د. عبد المحسن سلمان الشافعي – جامعة بغداد ( توظيف الخطاب الإعلامي العراقي في تعزيز الانتماء الوطني )
3-    أ.م.د. ندى عبود جار الله – جامعة بغداد ( دور الأعلام في الحد من خطاب الكراهية ونشر خطاب الاعتدال )
4-    أ.م.د. حسين رشيد العزاوي – جامعة بغداد ( ثقافة السلام الاجتماعي ومجالات تنميتها وتحقيقها )
5-    أ.م.د. عادل عبد الرزاق الغريري – جامعة بغداد ( نظرة تقويمية عن أسباب انتشار خطاب الكراهية والتطرف بين أطياف المجتمع العراقي )
6-    د. احمد عبد الستار الربيعي –جامعة ديالى ( مواقع التواصل الاجتماعي ودورها في التعايش السلمي ) 
11,45 – 1,30الجلسة العلمية الثانية :-
رئيس الجلسة :- أ.م.د. معد عاصي علي
مقرر الجلسة : أ.م.د. ظلال مهدي صالح
1-    أ.م.د. علي جبار ألشمري – جامعة بغداد ( ثقافة قبول الآخر ... رؤية استشرافية )
2-    أ.م.د. دحام علي حسين – جامعة كركوك ( التعددية وإثراء الهوية الوطنية )
3-    د. صفد حسام الشمري – جامعة بغداد ( التنشئة الرقمية في مواجهة قصص استهداف الآخر ببرامج الفبركة العميقة )
4-    د. أسماء صالح البدران – وزارة الثقافة ( دور المؤسسات الاجتماعية في استدماج ثقافة التسامح الاجتماعي وقبول الآخر )
5-     د. فلاح حسن علي – جامعة بغداد ( القيم الجمالية وأثرها في قبول الآخر )
6-    د. جمعة محمد عبد – جامعة تكريت ( التفاعلية وقبول الآخر )
7-    أ.م.د. شريف سعيد حميد ( أساليب ومظاهر برامج التعايش السلمي في الفضائيات العراقية )
8-    قاسم عبود الدباغ – بيت الحكمة ( الانتماء بين القبول والاحتواء)


ابرز الاستنتاجات التي تمخضت عن الندوة :-
*متانة النسيج الوطني تتطلب التسليم بمبدأ المواطنة للحد من الفتن والصراعات الطائفية والعرقية ... على قاعدة المساواة في الفرص وعدم التمييز واحترام التنوع لا نفيه والاستفادة من هذا التنوع في تطوير المجتمع عن طريق التجديد وتنقيح الآراء والأفكار والمعارف والاستفادة من تجارب الآخرين الايجابية .
*تمثل التعددية سمة أساسية من سمات الحياة الإنسانية وهي واقع فعلي داخل المجتمع الواحد الذي ينقسم عمودياً فئات متمايزة في الملكية والنفوذ ومستوى المشاركة في رأس المال ... , وأفقيا انقسامات أثنية ولغوية ودينية ،تعبر عن نفسها في المجتمع من خلال عدة صيغ أبرزها تيارات ثقافية وحركات اجتماعية وأحزاب وتعاون نقابي وجمعيات واتحادات ...
*التعددية في جوهرها ظاهرة صحية وتمثل حالة من حالات الغنى والثراء وترتبط بمعاني الإبداع والابتكار والقدرة على التجديد للمجتمع في حين قد تمثل حالة سلبية عندما تستجيب الى الانقسام والصراع .
*تتخذ التعددية في الفكر الاجتماعي المعاصر والنظام الديمقراطي منزلة الأساس الذي يقام عليه البنيان , فالديمقراطية كمفهوم وممارسة صفة لنظام حكم ونمط من التنظيم الاجتماعي والاعتراف بالآخر وجوداً ومشاركة ومعرفة .
*المجتمعات التي لا تتقبل الآخر ولا تحترم الاختلاف تكون عرضة أكثر من غيرها لظواهر التفكك والصراع وانعدام الأمن فيها , وتمثل بيئة خصبة لظهور الجماعات المتطرفة العنيفة
*حماية حقوق الأقليات والتعددية في المجتمع يتطلب إجراءات لضمان عدم التمييز ضدها, وبخلافه يمكن ان يحدث اما الذوبان في ثقافة الأغلبية او التمسك المرضي بالخصوصية الثقافية الذي يتسبب بإنتاج هوية (( دفاعية متطرفة )) نتيجة الاستبعاد الاجتماعي والشعور بأن المحيط الاجتماعي معاد وغريب .
*ترجع أسباب التعصب وعدم التسامح وقبول الآخرين والخلاف معهم إلى الثقافة التي تربى في ظلها أفراد المجتمع و تبدأ المشكلة انطلاقاً من الأسرة و انتهاءاً ببقية مؤسسات المجتمع المعنية بقضايا التنشئة الاجتماعية فهي تاريخ مديد من ثقافة الإقصاء والتسلط في الفكر والسلوك .
* تمثل القدرة على تمثيل الاتجاهات المختلفة داخل المجتمع واحدة من ابرز وظائف الإعلام الناجح اذ توجد في كل مجتمع جماعات متنوعة ذات أهداف واحتياجات وأيدلوجيات مختلفة ، وحتى تستطيع وسائل الإعلام ان تمثل المجتمع في تنوعه فلابد ان تتيح لكل هذه الاتجاهات فرصة الوصول الى الجماهير وكل ما زاد نطاق التعددية الإعلامية كلما زادت قدرة الإعلام على التعبير الحر عن جميع الآراء و التيارات الفكرية الموجودة ، و لكن المؤشر الحقيقي للتعددية الإعلامية يكمن في المدى التي تتركه تلك الوسائل في تعدد الاهتمامات وتنوع سياساتها وبرامجها ومنطلقاتها الفكرية وقدرتها في التعبير عن مختلف التيارات السائدة في  المجتمع .
* رغم ان التنوع بإمكانه إثارة الفرقة والتعصب والعنف ، ألا انه يمكن التعويل على وسائل الإعلام لتجاوز التصورات النمطية الموروثة وتبديد الجهل وسوء الظن بالآخر وتعزيز روح التسامح والقبول بالاختلاف ان كانت حرة وتعددية ومهنية .

التوصيات
خرجت الندوة باعتماد المقاربة الوطنية التكاملية وتبني حزمة من الحلول المتكاملة على المستوى الوطني عند معالجة قضية التنوع والتعددية في المجتمع العراقي وكالاتي :
-1 في مجال التربية والتعليم :- ان الاهتمام في التعليم ومجالاته يعد رأس الرمح في مكافحة الفقر ودرء النزاعات وله دور فعال في نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر واحترامه من خلال:-
*فحص وتعديل نظام التعليم أسلوبا ومنهجاُ وإعداد برامج دراسية تلاءم التعددية الموجودة في العراق وتعزز معرفة الأجيال بالمكونات العراقية من خلال العمل على استحداث منهج الأديان المقارنة او المشتركات الدينية او فلسفة الأديان ومن شأن هذه الخطوة ان تعمل ليس فقط على تحقيق التعايش ونبذ الصور النمطية السائدة عن الآخر إنما تعمل على الحفاظ على الذاكرة التاريخية للمكونات العراقية التي تعايشت عبر العصور
*فيما يخص كتابة التاريخ:- إعادة النظر في مناهج التاريخ ورفض كتابته على نحو انتقائي او أيدلوجي و تحويله الى ميدان مهم لبناء الهوية من خلال ضمان الكتابة حول كافة المكونات وبشكل عادل ودورها في بناء حضارة العراق في مختلف الحقب التاريخية
*ينبغي أيضا - في ما يبدو- ان تسلك التربية في مناهجها طريقين متكاملين , يتمثل المستوى الأول في الاكتشاف التدريجي للآخرين باعتماد البرامج اللازمة لذلك , وفي المستوى الثاني الذي يمتد على مدى الحياة و الذي يتمثل في الدخول في مشروعات مشتركة ما بين المكونات , الذي يبدو منهجاً فعالاً لتجنب النزاعات الكامنة وحلها .
2- في مجال الإعلام :- في عصر الوفرة الاتصالية التي يشهدها العالم يمكن لوسائل الإعلام ان تتجاوز التصورات النمطية الموروثة وتبدد الجهل وكراهية الأخر وتعزز روح التسامح والقبول بالاختلاف واحترامه من خلال الآتي :-
*من المهم ان يكون للمكونات العراقية حق الوصول الى وسائل الإعلام وإتاحة الفرصة لجميع الأطياف والفئات والجماعات للتعبير عن الرؤى ووجهات النظر المختلفة أي ضمان وجود مجال عام للحوار الثقافي في المجتمع , وان تتمثل هذه المكونات بشكل عادل وكاف في وسائل الإعلام الممولة من المال العام .
*ضرورة استخدام وسائل الإعلام الجديدة من قبل متخصصين في الإعلام الدبلوماسي والسياسي والأمني لتوجيه رسائل إعلامية تعزز نشر ثقافة التسامح والحوار واحترام الآخر وتعزيز أواصر العلاقة الإيجابية المتكاملة بين المكونات العراقية من اجل بناء المجتمع وتأصيل ثقافة وطنية يقوم الإفراد فيها على أساس الإنجاز وليس القرابة والانتماء الطائفي والعرقي.
*على مستوى القائمين بالاتصال , ضرورة العمل على تقديم النخب لمقارنات دقيقة وتحليلات محايدة وموضوعية للإحداث والقضايا , دون إثارة للكراهية والنعرات العدائية .
3- في مجال مؤسسات المجتمع المدني :- يعد المجتمع المدني وتشكيلاته خير معبر عن دولة المواطنة الكاملة وتصحيح المسار والنظرة لايجابيات التنوع الثقافي والاعتراف به كظاهرة ثقافية مترسخة منذ القدم وذلك بهدف تكريس مبادئ التعاون والتشارك والمنافسة السوية والاحترام وتدبير الاختلاف وتوزيع الأدوار .....
وفي هذا الصدد نود التأكيد على الآتي :-
*توفير الدعم لمنظمات المجتمع المدني التي ترصد الانتهاكات في مجال حقوق الأقليات والتأكيد على شراكاتها مع المفوضية العليا لحقوق الإنسان في مجال مراقبة حقوق الإنسان .
*تقديم الدعم للمبادرات والتجارب التي تركز على الحوار والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع العراقي ويمكن استثمار مخيمات الأطفال والشباب لتنظيم مباريات في الغناء او  الشعر في موضوع السلم ولأجله .
4- في المجال الثقافي :- يعد المجال الثقافي والثقافة منبتاً مثالياً لكل المبادرات الهادفة الى تعزيز السلم وإشاعة ثقافة التحاور واحترم الآخر وتقبله من خلال التأكيد على النقاط التالية :-
*أبراز دور السياحة الثقافية في إشاعة السلم الاجتماعي وتفعيل قطاع السياحة الثقافية كفضاء مثالي لتكتل الثقافات والهويات الفرعية وإبراز التنوع الهائل في المعتقدات والتقاليد والممارسات الاجتماعية والأزياء والتراث الأثري والمعماري والحرفي والفني كشواهد على غنى وتنوع هذا الموروث ومن شأن ذلك العمل على تقديم الوجه الحقيقي للثقافات وتصحيح المغالطات المغرضة التي لحقت او التي يمكن ان تلحق بها .
*تعزيز التلاقي والتفاعل الثقافي بين المبدعين في المجتمع العراقي ولمختلف المكونات وضمان المشاركة الناجحة المتوازنة للمبدعين في مختلف الأنشطة الثقافية
* رعاية المواهب الواعدة من الشباب والعناية بالمادة الثقافية الموجهة للأطفال واليافعين من حيث المضمون والوسائط الثقافية المستخدمة , بما يضمن تهيئتهم وتمكينهم من شتى أدوات التحصين الذاتي وتسهيل عملية اندماجهم في مجتمع  المعرفة.
*إدراج موضوع التنوع الثقافي والحوار محوراً أساسيا في برامج الاحتفال بالعواصم الثقافية .

تهيئة الطابعة   العودة الى صفحة تفاصيل الخبر