السياسة الزراعية في العراق ودورها في تحقيق الأمن الغذائي

2021-03-29

السياسة الزراعية في العراق ودورها في تحقيق الأمن الغذائي

ندوة افتراضية اقامها قسم الدراسات الاقتصادية



السياسة الزراعية في العراق ودورها في تحقيق الأمن الغذائي

   أقام بيت الحكمة/ قسم الدراسات الاقتصادية ندوة بعنوان: (السياسة الزراعية في العراق ودورها في تحقيق الأمن الغذائي)، بمشاركة الباحثين أ. د مهدي سهر الجبوري / وكيل وزارة الزراعة  و أ. د أحمد عمر الراوي/ أستاذ الموارد والعلاقات الاقتصادية الدولية في الجامعة المستنصرية ، وذلك في تمام الساعة الثامنة من مساء يوم الاثنين الموافق 29/3/2021 على منصة Zoom الإلكترونية.
رئيس الجلسة: د. بلال كاظم الجوادي-رئيس قسم الدراسات الاقتصادية.
مقرر الجلسة: م. م حسين غازي رشيد – مقرر قسم الدراسات الاقتصادية.
وقد افتتح الدكتور بلال الندوة بالحديث عن أهم المشاكل الأمن الغذائي ومنها:
1-مشاكل مناخية تتمثل باستمرار موجات الجفاف والتصحر واندثار الغطاء النباتي الطبيعي.
2-مشاكل نوعية تتمثل بالاعتماد على الطرق البدائية في الإنتاج الزراعي وقلة منافسة السلع الغذائية المحلية لنظيراتها الأجنبية.
3-مشاكل السياسات والتشريعات والتي تتمثل بارتفاع حجم الاستيرادات على حساب المنتج المحلي وضعف الاستثمارات في القطاع الزراعي لاسيما مشاريع البنية التحتية.
 وبين الدكتور الجوادي بدوره على أن كل هذه العوامل تدعو للقلق وتحتاج لتعبئة الطاقات والموارد للتصدي لانعكاساتها السلبية على الميزان التجاري الزراعي وعلى الفاتورة الغذائية من السلع الأساسية. هذا فضلا عن أن القطاع الزراعي العراقي يعاني من تدهور في أصعدة كثيرة، تظهر في تدني نسبة مساهمته في تكوين الناتج المحلي الإجمالي إذ لم تتجاوز هذه النسبة في المعدل 7% بدون النفط، أما إذا أضفنا النفط فإنها تنخفض إلى ما دون 1%.
  من هنا تأتي أهمية هذه الندوة التي سيتناول فيها الباحثون واقع الأمن الغذائي في العراق والسياسات القائمة والمشاكل والمعوقات الموجودة سعيا لإيجاد الحلول وتطوير السياسات التي تحقق الامن الغذائي.  
بعد ذلك ابتدأ الدكتور مهدي سهر الجبوري حديثه عن أهمية الأمن الغذائي للدول وانه جزءً لا يتجزأ من امنها السياسي وان جميع الدول تسعى لتحقيقه. وان كثير من هذه الدول تعاني وهي تحاول تحقيق هذا الهدف خصوصا بعد جائحة كورونا، حيث أن إجراءات غلق الحدود ومنع تصدير المواد الغذائية التي اتخذت من قبل الحكومات ساهمت في تخفيض سلسلة الامدادات بين الدول. وتشير تقارير منظمة (فاو) الى ان جائحة كرونا سيكون لها تأثير شديد على المحاور الرئيسة الأربعة للأمن الغذائي والتي تتمثل بـ:
•    امدادات الغذاء
•    امكانية الحصول على الغذاء
•    نوعية الغذاء
•    استمرار الامدادات
   بعد ذلك انتقل الدكتور الجبوري الى الحديث عن أهم جوانب الامن الغذائي في العراق والسياسات التي تتخذها وزارة الزراعة لتحقيقه مبيناً أن العراق يحتاج ما بين اربعة ونصف الى خمسة مليون طن من مادة طحين الحنطة ومليون وربع طن من مادة الرز ضمن برنامج البطاقة التموينية  ومن الجدير بالذكر أنه بعد عام 2017 وبعد دحر عصابات داعش الإرهابي زادت المساحات المزروعة وزاد توفير المدخلات الزراعية كالبذور والمبيدات والمخصبات وقد أعطت هذه السياسة مردودها على الانتاج الزراعي إذ وصل انتاج الحنطة في عامي 2019 و2020 الى   4.2  و  5 مليون طن على التوالي . اما مادة الشعير العلفي فقد ارتفع الانتاج من 100 الف الى مليون طن ن اما الرز فقد ارتفع الانتاج الى 500 الف طن ، وقد تحقق الاكتفاء الذاتي بل تحقق فائض في 24   منتج زراعي منع استيرادها منها الاسماك وبيض المائدة والدجاج الحي ومحاصيل الخضر الاساسية كالبطاطا والطماطة والباذنجان ووصول العراق الى الاكتفاء ولولا افتقار العراق للصناعات الغذائية لساهمت هذه الصناعات في دعم اسعار هذه المنتجات مما ينعكس إيجاباً على المنتجين.
   وفي مجال التخصيصات المالية فإن القطاع الزراعي لا يحصل على التخصيصات التي تتناسب مع أهميته في الاقتصاد فقد انخفضت تخصيصاته من 1.1%  الى0.6 %  من الانفاق العام في موازنة 2021 . وذلك يؤثر أيما تأثير على دعم المدخلات الزراعية والأسعار ودفع مستحقات الفلاحين في أوقاتها وكذلك يؤثرعلى امكانية الوزارة في تنفيذ خططها في شمول اراضي جديدة بتقانات الري بالرش التي تساهم بالري التكميلي للأراضي الديمية مما يؤدي الى توفير الأراضي المروية للمحاصيل الاخرى وخصوصاً الصناعية منها.
   أما ما يتعلق بالخطط على المدى الطويل فإن الوزارة تسعى الى إشاعة وتشجيع زراعة فول الصويا الذي يعد مادة أساسية في انتاج الأعلاف ويتسم بقيمته الغذائية الكبيرة وسعره المرتفع في السوق العالمي اذ يتجاوز الـ 600 دولار للطن الواحد.
وقد اختتم الدكتور مهدي حديثه بالقول إن القطاع الزراعي في العراق يتجه وجهة صحيحة و لا يحتاج إلا الى زيادة الدعم .
الورقة الثانية للدكتور أحمد الراوي
   افتتح الدكتور الراوي حديثه بالقول إن السياسات الزراعية يجب أن تعمل على تصحيح أو إحداث تغيرات نوعية في بنية القطاع الزراعي، من حيث (تركيبة المحاصيل، والبنية الحيازية للأراضي الزراعية، وطرق الإنتاج، وهيكل تجارة السلع الزراعية.
ثم بين أهم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي في العراق/ وهي:
• تدني الإنتاجية الزراعية نتيجة تملح وتغدق كثير من الترب وضعف كفاءة العمليات الزراعية والمتمثلة (بتهيئة الأرض، واعتماد الدورة الزراعية، المكافحة الزراعية، واعتماد الزراعة العضوية والتكامل الزراعي-الصناعي).
• التصحر وازدياد ظاهرة العواصف الترابية، وتراجع في معدلات الأمطار مما قلص الزراعة الديمية لاسيما في المنطقة الوسطى.
• تراجع صناعة الأسمدة في العراق وارتفاع أسعار المستورد منها، الأمر الذي أثر على الكميات المتاحة من الأسمدة للمحاصيل الزراعية لاسيما محاصيل الحبوب.
• عدم تعويض الفلاحين والمزارعين العائدين إلى مناطقهم المحررة من الإرهاب عن مستلزمات إنتاجهم وبساتينهم ومزارعهم المدمرة لإعادة نشاطهم الزراعي لا سيما بعد تضرر البنى التحتية للقطاع الزراعي، كالمشاريع الإروائية والنواظم والخزانات المائية بأضرار كبيرة بفعل العمليات الإرهابية.
وبعد ذلك انتقل الدكتور الراوي الى الحديث عن موضوعة الأمن الغذائي وقد عرفه بأنه يعني حصول جميع الناس وفي جميع الأوقات على غذاء كاف يؤمن حياة ملؤها الصحة والنشاط. إذ ينطوي هذا المفهوم على كفاية الأغذية المتاحة (عرض فعال) والى كفاية الفرد للحصول على الغذاء وقدرته على شراء هذا الغذاء (طلب فعال).
   كما يجب أن يكون هذا الغذاء آمنا للاستهلاك وغير ملوث. وهذا ما يطلق عليه بـ (أمان الغذاء) الذي تعرفه منظمة الصحة العالمية بأنه (مجموعة الظروف والمعايير الضرورية خلال عمليات إنتاج وتصنيع وتخزين وتوزيع وإعداد الغذاء التي تجعل الغذاء أمنا وموثوقا به وصحيا وملائما للاستهلاك الآدمي.
أهم الاستنتاجات:
1-رغم السياسات التي اعتمدت في تنمية القطاع الزراعي، إلا أنه لا زال متواضع في معدلات إنتاجه، وأن مساهمته في الناتج المحلي لا تتناسب مع حجم الموارد الطبيعية والبشرية المستثمرة فيه. نتيجة اعتماد الطرق التقليدية في الزراعة.
2-تخصيصات البنى التحتية للقطاع الزراعي تراجعت بشكل كبير، مما أثر على عمليات الإنتاج والنقل والتسويق. لا سيما في المشاريع الإروائية وصيانتها، أو بناء المخازن المبردة.
3-هناك تحديات في نجاح السياسات في تحقيق الأمن الغذائي تتمثل بالاستقرار الأمني والسياسي. واتخاذ إجراءات لحماية الإنتاج المحلي من إغراق السوق بالسلع والمحاصيل المستوردة
4-أن دعم أسعار شراء الحبوب، قد يزيد من كمية الإنتاج لكنه لا يساهم في تطوير الكفاءة الإنتاجية، من ناحية ومن ناحية أخرى، قد يشجع على تسليم حبوب مستوردة بانها منتجة محليا للحصول على فرق السعر (المدعوم)
5-إن خسارة العديد من المزارعين والفلاحين مستلزمات زراعتهم نتيجة سيطرة الإرهاب والتهجير. يتطلب دعم هؤلاء للعودة إلى نشاطهم الزراعي.
6-لا زالت عمليات التمويل والإقراض غير داعمة لتطوير الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وتشديد الإجراءات الخاص بالإقراض، لا سيما لفئة الشباب الذين ليس لهم القدرة على توفير شروط الإقراض.
7-لقد تم تخصيص أكثر من 30مليار للبطاقة التموينية خلال الخمس عشرة سنة الماضية دون أن تحقق مستوى غذائي مقبول للعراقيين، ولو استثمرت هذه المبالغ في تطوير الزراعة كان قد مكنت من تعزيز الأمن الغذائي للشعب العراقي.
أهم التوصيات
1-    ضرورة الاستفادة من التجربة المصرية في مجال الاستثمار الزراعي.
2-    ضرورة إنشاء شركة للتسويق الزراعي لكي تساهم في الحصول على عوائد جيدة للمزارعين في المواسم التي يكون فيها فائض عن الحاجة المحلية.
3-    التعاقد مع دول متقدمة لتوفير منظومات الري بالتقطير والرش وتوسيع استخدام هذه المنظومات لما تحققه من توفير في المياه والمدخلات الزراعية الأخرى.
4-    يجب تخصيص رؤوس الأموال اللازمة لتوسيع وإعادة تأهيل مشاريع البنية التحتية كمشاريع الري والبزل والسدود والخزانات والمخازن المبردة.
5-    ضرورة إعادة العمل بالمكاتب الزراعية ( الناظر الزراعي) في المناطق الريفية لمراقبة العملية الزراعية وإعطاء المشورة ومعرفة احتياجات المزارعين وتشخيص ودعم النشيطين منهم عن غيرهم .
                                   

تهيئة الطابعة   العودة الى صفحة تفاصيل الخبر