العراق الحضري في القرن العشرين.. منظورات متنوعة

2022-10-30

العراق الحضري في القرن العشرين.. منظورات متنوعة

مؤتمر علمي دولي اقامه قسم الدراسات التاريخية


العراق الحضري في القرن العشرين
منظورات متنوعة

أقام قسم الدراسات التاريخية في بيت الحكمة، بالتعاون مع المعهد الفرنسي للشرق الأدنى / بيروت، على مدى يومي السبت والأحد الموافقين 29-30/10/2022، مؤتمراً علمياً مشتركاً، تحت عنوان: (العراق الحضري في القرن العشرين: منظورات متنوعة)، بحضور القائم بأعمال سفارة الجمهورية الفرنسية ببغداد، والبروفيسور ماثيو راي، منسق المؤتمر، عن المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، والدكتور إسماعيل طه الجابري، مشرف قسم الدراسات التاريخية، والدكتور حيدر قاسم مَطَر التميمي، رئيس قسم الدراسات التاريخية في بيت الحكمة، إضافةً إلى جمع كبير من الأساتذة والباحثين والمهتمين بالشأن التاريخي – المعماري. جرت وقائع اليوم الأول في مبنى المعهد الثقافي الفرنسي ببغداد، فيما استضاف بيت الحكمة وقائع اليوم الثاني من المؤتمر.
استُهلت فعاليات المؤتمر بكلمةٍ للقائم بإعمال سفارة الجمهورية الفرنسية ببغداد، معبِّراً فيها عن سعادته للتعاون العلمي والأكاديمي بين الجانبين العراقي والفرنسي، والذي تمخض عنه هذا المؤتمر كباكورة ثمار هذا التعاون.
ثم تحدث الدكتور إسماعيل طه الجابري، مشرف قسم الدراسات التاريخية، مرحباً بالحضور وشاكرا للسيد القائم بأعمال سفارة الجمهورية الفرنسية ببغداد، كلمته التي عكست موقف فرنسا لتنشيط العلاقات البحثية والأكاديمية والعلمية بين المؤسستين العريقتين.
في مستهل كلمتهِ، تطرق الدكتور الجابري إلى ما عانته المدن العراقية من التذبذب وعدم الاستقرار الحضري منذ نشأتها على ضفاف المياه واستمرارها مدن زراعية حتى قيام الدولة العراقية عام 1921. في حين لم يتمكن الحكم الملكي من تحقيق التغيير المطلوب في تطور المدن العراقية حتى توقيع اتفاقية مناصفة أرباح النفط بين الحكومة وشركات النفط الأجنبية عام 1952.
إنَّ التغييرات السياسية وتقلباتها خلق حالةً من عدم الاستقرار في المدن العراقية بسبب تعرض الأخيرة لموجاتٍ غير منظمة من الهجرة من الريف، مما أثر على وضع المدينة السياسي والاجتماعي والاقتصادي. وبيَّن الدكتور الجابري في كلمته تأثير عامل آخر شهده العقد الأخير، ألا وهو العوامل البيئية وخاصةً الجفاف في مناطق الأهوار، مما أدى إلى حدوث هجرة واسعة من الريف إلى المدينة، والتي كانت لها انعكاساتها على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي للمدينة. كما دعا الدكتور الجابري للإعداد لعقد مؤتمر علمي دولي يتخذ من التقلبات البيئية والمناخية موضوعاً له لما لهذا الموضوع من تأثير على الحالة التي تعيشها المدينة العراقية، على أن يتبناه بيت الحكمة بالتعاون مع المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، لوضع الحلول الناجحة والناجعة لمواجهة هذهِ المشكلة التي ستتطور وتتأزم بالتأكيد ما لم يتم الإسراع لمعالجتها. وفي ختام كلمته قدَّم الدكتور الجابري شكره وامتنانه للجهود الطيبة التي يبذلها الطرفان لتطوير العلاقات والسير بها نحو آفاق أوسع.
ثم تحدث مدير المعهد الفرنسي للشرق الأدنى الأستاذ ماثيو رَي، معبراً عن عميق شكره لزملائه من داخل العراق وخارجه لما بذلوه من جهود لإقامة هذا المؤتمر، مؤكداً أن هذا المؤتمر ليس سوى خطوة جديدة لتعزيز الأواصر العلمية بين المؤسسات الأكاديمية والبحثية العراقية والفرنسية، متمثلة بهاتين المؤسستين العريقتين.
وأشار الأستاذ رَي إلى أن افتتاح فرع للمعهد في مدينة أربيل منذ أكثر من عشر سنوات كانت الخطوة الأولى بحق للشروع في عملية التعاون العلمي والبحثي والأكاديمي بين المؤسسات العراقية والفرنسية ذات العلاقة.
وفي معرض حديثه عن الأسباب التي دفعت الطرفين إلى اختيار موضوع التاريخ الحضري للعراق، ركَّز الأستاذ رَي على ثلاث نقاط رئيسة، هي:
- إن المدينة تُعد مصدر اهتمام خاص في الدراسات التاريخية لما تمثله من ثروة ثقافية. ففي الوقت الذي أدان فيه المستشرقون انهيار المدن وتدميرها في فترة الحكم العثماني ن قامت الدراسات اللاحقة بتصحيح ذلك. وان فترة الحكم العثماني أسست للحداثة المحلية، فمن اندريه ريمون إلى علي الوردي، ومن وضاح شرارة إلى بيتر سلوجلت، أصبحت المدن في قلب الحوار العلمي بين الشرق والغرب.
- ازدياد أهمية المدن في منطقة الشرق الأوسط خلال القرن العشرين، وذلك من خلال قراءة أعداد السكَّان في مدينة بغداد (على سبيل المثال لا الحصر) بين عامي 1920-1970. هذهِ الأعداد تؤكد على التغيرات الكبيرة التي شهدتها المدن العراقية.
- إن موضوع المؤتمر يستمد أهميته من كون المدن في الشرق الأوسط قد شهدت منذ بداية القرن الواحد والعشرين مخاطر كبيرة ومتنوعة: التدمير في عمليات حربية عنيفة، هجوم على نسيجها السكَّاني والاجتماعي نتيجة السياسات النيو-ليبرالية، وأخيراً حركة السكَّان.
وفي ختام كلمته، أعرب الأستاذ رَي عن ثقته ويقينه بأن هذا المؤتمر سيحمل في طياته الكثير من المشاريع والأفكار المستقبلية لمؤسسات البلدين العلمية والأكاديمية.

الجلسة الأولى
محور الجلسة: التراث الحضري والهوية الثقافية بين القطيعة والمأمول
رئيس الجلسة الأستاذ المعماري محمد الصوفي
الباحث الدكتور إحسان فتحي / جامعة عمان الأهلية
عنوان الورقة البحثية: الموصل المدمرة.. تحديات إحياء التراث الحضري.
تناول الباحث التركيبة التاريخية والتراثية لمدينة الموصل، التي تعتبر ثاني أكبر مدن العراق والوريث الحقيقي لعاصمة الإمبراطورية الآشورية، مشيراً إلى أن الشكل الحضري العام للموصل قد تبلور بحدود القرن الحادي عشر ولم تطرأ عليه تغييرات كبيرة لأكثر من سبعة قرون. خلال هذهِ الفترة كانت المدينة تطور نفسها بنفسها متخذةً طابعاً حضرياً معمارياً متميزاً، مضيفاً إلى أن المدينة قد تعرضت منذ بداية القرن العشرين إلى عملية تحديث أدت إلى خسارة جسيمة في تراثها الثقافي والحضري، ولكن احتلالها من قبل (داعش) في عام 2014، والعمليات العسكرية التي رافقت الاحتلال حتى تحريرها عام 2017، أدى إلى دمار واسع طال البُنية التاريخية للمدينة.
استعرض الباحث صوراً للأماكن التاريخية والتراثية في الموصل بعد تدميرها من قبل داعش، وصوراً أخرى بعد إعادة أعمارها. ركَّز الباحث في بعض جوانب بحثه على الطريقة غير الدقيقة وغير الاحترافية التي تمت بها إعادة أعمار تلك المناطق الأثرية، والتي، حسب رأي الباحث، كانت تفتقر للتنسيق وللنظرة المستقبلية الشمولية، غير آخذة بنظر الاعتبار الطبيعة التاريخية للمدن وأبنيتها، كما سلط الباحث الضوء على نطاق الدمار الذي أصاب المدينة مستعينا بتحليل نقدي لعدد من الأمثلة المنفذة، آملاً في التوصل إلى أفضل المسارات الممكنة لتحقيق "الهدف الصعب" وهو إحياء الموصل.

البحث الثاني: الدكتورة غادة السلق / جامعة بغداد – كلية الهندسة
عنوان الورقة البحثية: التحديات الحضرية لمدينة سامراء الحديثة
قدمت الباحثة في مستهل بحثها عرضا لتاريخ مدينة سامراء منذ إنشائها في عهد الخليفة العباسي المتوكل، مبينةً الأهمية التاريخية التي تمثلها سامراء في التاريخ الإسلامي عموماً، والعراقي على وجهٍ خاص، كونها مزاراً للمُسلمين بوجود ضريحي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام)، كما أن بنائها على منطقة مرتفعة جعلها في منأى عن الفيضانات التي ضربت العراق. العرض التاريخي للباحثة شمل الشواخص التاريخية التي تحتويها المدينة والمقترحات المطروحة لأعمار المدينة وإجراء توسعات تشمل الجزء الشرقي منها حصراً، كونها محاطة بمدن أخرى إضافة إلى محاذاتها لنهر دجلة.
وهنا تطرح الباحثة تساؤلاً عن كيفية الحفاظ على مدينة سامراء بالشكل الذي يُتيح للأجيال القادمة التعرف على العمق التاريخي لهذهِ المدينة، خاصة بعد الهجمة الشرسة لعصابات داعش على المدينة واستهداف الضريحين المقدسين عام 2006، وإزالة الكثير من المعالم التاريخية للمدينة.
إن إعادة أعمار المناطق المتضررة بما يحفظ للمدينة هويتها التاريخية وتميزها المعماري يشكل تحدياً كبيراً أمام المختصين، خاصة أن بعض الصور المعروضة أظهرت أعمال الأعمار والترميم وما نتج عنها ما يبدو أنه مجرد بناء حديث بعيد كل البُعد عن الهوية التاريخية للمدينة.
وفي ختام بحثها، أوردت الباحثة جملة من التحديات والمتطلبات التي من شأنها إعادة هذهِ المدينة إلى مكانتها التاريخية التي تستحقها:
- الحفاظ على المدينة التاريخية بأكملها.
- استغلال المقومات الطبيعية مثل البحيرة وسد سامراء.
- معالجة مشكلة التلوث وإنشاء الأبنية الحديثة داخل المدينة التاريخية.
- تطوير الزراعة في المناطق المحيطة.
- الحاجة إلى توسعة المدينة الحديثة.
وهناك مشروع لإنشاء جامعة سامراء جنوب المدينة الحديثة، إضافة إلى دراسة لربط بحيرة الثرثار ببحيرة الحبانية، لتطوير الواقع الزراعي في المناطق الزراعي لمدينة سامراء.

البحث الثالث: الدكتور تراث جميل اللهوف / جامعة السوربون
عنوان الورقة البحثية: مدينة النجف.. التحولات المعمارية والحضرية في القرن العشرين
في مستهل بحثه، قدَّم الباحث نبذة، جغرافية وتاريخية، عن مدينة النجف والتي شأنها شأن بقية المدن التي توجه إليها الناس لتلبية المطالب المتزايدة المواكبة لتغيرات نمط الحياة من السكن والوظيفة والخدمات، شَهِدت تغيرات جذرية بدءاً من بداية القرن العشرين حتى عام 2003. كما تناول الباحث الهندسة المعمارية للمباني الرئيسة التي تحمل طابع المدينة وهويتها، مروراً بتحديات اليوم للحفاظ على هذهِ الهوية من الدمار.

الجلسة الثانية
المحور: الطفرات الحضرية الاجتماعية من عهد ما قبل الحداثة إلى العولمة
رئيس الجلسة الأستاذ الدكتور فلاح الأسدي / جامعة بغداد
الباحث الدكتور عبد علي الخفاف / كلية الآداب – جامعة الكوفة
عنوان الورقة البحثية: النجف.. التحولات الاجتماعية الاقتصادية وآثارها الديموغرافية (1922-2022)
استعرض الباحث الدور الثقافي والديني والسياسي لمدينة النجف الكبرى وعمقها التاريخي العريق الذي يمتد لأكثر من 1400 عام. أوضح الباحث أن النجف انتقلت تدريجياً عبر تاريخها الحديث، أي منذ العام 1925، من حالة الاقتصاد المعاشي إلى اقتصاد السوق فنمت فيه البرجوازية التجارية ونشطت الصناعات الحرفية. وفي عام 1950 اختفت تماماً مظاهر الاقتصاد المعاشي لتحل محلها مظاهر النشاطين التجاري والصناعي. في عام 1929 صدر قانون تشجيع الصناعة الوطنية، وهو الأمر الذي استفاد منه الصناعيون إلى حد كبير.
في العام 1922كان عدد سكَّان النجف 46 ألف نسمة، مرتفعاً إلى 960000 نسمة في عام 2022. في السنوات الممتدة بين عامي 1925-1950 تم تأسيس بلدية النجف عام 1931 ومشروع إسالة الماء عام 1933، ودخلت الكهرباء إلى المدينة عام 1934، وتم تأسيس غرفة تجارة النجف، واتسعت مساحة السياحة الدينية، وتحسنت الخدمات الصحية، وهبط المعدل السنوي للوفيات ووفيات الأطفال الرضع، وتعد هذهِ الحالة حالة من النمو الديموغرافي السريع، لكن يبدو أن هذا النمو له وجه آخر تمثل في اكتظاظ المدن بساكنيها وضيق الشوارع التي لم تعد تتسع للأعداد الكبيرة من المركبات. وفي ختام حديثه، شبه الدكتور الخفاف المدن بالكائن الحي الذي ينمو محتاجاً إلى مساحة اكبر ومتطلبات أكثر ليكون نموه سليماً معافى.

البحث الثالث: الدكتورة شيرين محمد كاظم / جامعة بغداد – كلية الآداب
عنوان الورقة البحثية: الحِرف وتكوين هوية المدن.. دراسة حالة مدينة بغداد
يركز موضوع البحث على دور الحِرف والمِهن في تشكيل هوية مدينة بغداد، من خلال تسليط الضوء على تاريخ الحرف والأسواق البغدادية وسلوكياتها الاجتماعية منذ العصر العباسي، مروراً بحقب تأريخية واجتماعية مختلفة، أثرت بشكلٍ أو بآخر على الحرف والمدينة، وكيفية تأثير الحرف على هوية المدينة وتبادل الأثر بينهما والتطرق إلى بغداد القديمة متمثلاً في مركزها الكرخ القديمة، وسبر أغوار البناء الأيكلوجي للمدينة، والتعرف على أبرز الحرف والمهن الموجودة حالياً، وذلك باستخدام المنهج الوصفي التحليلي ومن خلال طرح التساؤلات التالية:
1- ما هي الجذور التاريخية للحرف والمهن البغدادية ؟
2- هل هنالك فعل تواصلي بين الحرف والمدينة ؟
3- ما أهمية التحضر و البناء الايكلوجي في تحديد الحرف وهوية المدينة ؟
كانت بعض الحرف والمهن حكراً على الرجال، لكن رياح التغيير التي أصابت تلك الحرف جعلت للنساء حظاً في مزاولتها، كما في مهنة بيع منتجات الألبان، والتي تكون عادة مهنة متوارثة عن الأب أو الأم.
إن الحِرف كونها جزء من النشاط الاقتصادي لأي مدينة، فإن تمركزها في بغداد أضفى طابع خاص على المدينة. شهدت حقبة الستينيات والسبعينيات ازدهاراً كبيراً للمِهن والحرف، ومع ازدياد نسبة الاستيراد والتوجه نحو الصناعات الأجنبية، تدهور حال الصناعات الحرفية وصولا إلى أسوأ حالاتها بعد عام 2003.

البحث الرابع: الدكتورة نيليدا فوكارو / جامعة نيويورك – أبو ظبي / محاضرة الكترونية.
عنوان الورقة البحثية: بعض انعكاسات النفط على تصورات وواقع الحياة الحضرية والضواحي في العراق.
ناقشت هذهِ الورقة بعض السِمات التي ميزت حياة المناطق الحضرية والضواحي في ظل النفط في العراق في أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن الماضي.
من ناحية، يركز البحث على كيفية توسع المدن العراقية وتغيرها بسرعة (خاصةً بغداد وكركوك)، والتي ظهرت بشكلٍ بارز في قصص تطوير النفط التي روجت لها شركة النفط العراقية  والحكومة، باعتبارها المواقع التي كانت فيها الحداثة التي جلبها اكتشاف النفط بدأت تصبح مرئية وملموسة للجمهور. منذ أوائل الخمسينيات من القرن الماضي تم تقديم تحديث المدن كملحق للبُنية التحتية النفطية والمشاريع التنموية التي كانت تنتشر في جميع أنحاء البلاد، وكعرض للمُستقبل الحضري الجديد الذي ينطوي على أنماط ثورية (وخيالية إلى حدٍ كبير) لحياة المدينة. من ناحيةٍ أخرى، سأناقش بعض الحقائق القاسية المصاحبة لاستخراج النفط، كيف يمكن أن نكتشف الحياة على أرض الواقع، حياة تحددها المواجهة السياسية المريرة، والصراعات اليومية من أجل العمل عند بوابات الشركة، ولقاءات روتينية مع IPC وأفراد الأمن التابعين للحكومة.
سلطت هذهِ الورقة الضوء أيضًا على الكيفية التي يمكن للحياة أن تكون فيها بالنسبة لبعض الأشخاص (ولكن ليس للجميع بأي حال من الأحوال) سكنًا مريحًا، وحياة عصرية وبداية إدراك مستقبل أفضل.

الجلسة الثالثة
المحور: بغداد.. الفضاء الحضري والذاكرة المدنية كأداة سياسية
رئيس الجلسة: الدكتورة سيسيليا بيري / المعهد الفرنسي للشرق الأدنى
البحث الأول: الدكتورة صبا سامي / جامعة النهرين - كلية الهندسة
عنوان الورقة البحثية: شارع الرشيد كمكان الذاكرة السياسية لبغداد الحديثة
تحدثت الباحثة عن الذاكرة بوصفها الزماني والمكاني، فهي تُشير إلى الماضي في جوهرها. وهي أيضاً مكانية، حيث تنتج عن التجارب الجسدية في فضاء مادي والتحرك فيه. وبالمقابل يمكن للتصرف في فضاء الذاكرة وإجراء التغييرات فيه أن يمحو ذكريات ويحتفظ بأخرى في عملية تحولية تمتد في المستقبل. بذلك تكوّن ذكريات الأحداث المهمة الجماعية طبقة فعالة في طبقات تصميم الفضاء الحضري العام.
تتم ممارسة التصميم الحضري القائم على الشارع بشكل واسع في العالم وبمختلف المستويات، لما لها من فاعلية في تحقيق الهوية والتماسك الحضري في نسيج المدينة. وحظي شارع الرشيد في بغداد بمقترحات تصميمية لتطويره، أخذت في الاعتبار الطبقات الشائعة الأساسية في التصميم الحضري. يهتم البحث باستكشاف طبقة الذاكرة السياسية للقرن العشرين في هذا الشارع، وإلقاء الضوء على أهم الأمكنة المرتبطة بأحداث مهمة، وتحري إمكانية أخذها في الاعتبار ضمن مشاريع التطوير لهذا الشارع المهم.

البحث الثاني: الدكتورة اليسا وولتر / جامعة سياتل الباسيفيك
عنوان الورقة البحثية: تأطير التطور الحضري في بغداد (1979-2003)
تستكشف هذهِ الورقة كيف استخدم حكام العراق في العصر الحديث التنمية الحضرية والمحلية واستراتيجيات الحوكمة لتوطيد السلطة وإجراء المسح لمن يُحتمل أن يكونوا سكَّانا مثيرين للإزعاج، وتقليل المقاومة، مع التركيز على تاريخ بغداد في القرن العشرين كحالة للدراسة. تركز هذهِ الورقة بشكل خاص على كيفية تشكيل حكومة البعث من 1979-2003 على مستوى المؤسسات والإجراءات البيروقراطية في بغداد. هذهِ الورقة جزء من جهود أوسع لاستكشاف كيف يمكن تشكيل التنمية الحضرية، جزئيًا، من خلال جهود النظام في تعزيز السلطة من خلال وظائف البلدية.

البحث الثالث: الدكتور محمد قاسم عبد الغفور / جامعة النهرين - كلية الهندسة
عنوان الورقة البحثية: تحولات التراث الحضري لمركز مدينة بغداد التاريخية (1854-2010)
المدينة نظام معقد، تنتقل من مرحلة الظهور إلى مرحلة النمو ثم مرحلة الانحدار والتداعي, وبالتالي فهي بحاجة إلى استراتيجيات للتجديد الحضري لإعادة المدينة إلى الحياة. مركز المدينة التاريخي هو الجزء الرئيسي من المدينة الذي يحتاج إلى تحول حضري قائم على الحفاظ على التراث، وهو الذي يتأثر بقوى سياسية واقتصادية واجتماعية وبُنية تحتية، ويعتبر مركز مدينة بغداد التاريخي أحد مظاهر هذا التحول والذي يحتاج إلى ربط ذاكرة المدينة بإحساس مستخدم المكان.
تناول الباحث تأثر الشكل الحضري لبغداد من عام 1850 حتى الآن بهذهِ القوى, وخاصة في عام 1936 عندما قام اثنين من المهندسين الألمان (بريكس وبرونوينير) في إعداد أول مخطط أساسي لتوسيع المدينة. وفي عام 1958 تم وضع التصميم الأساسي الثاني من قبل مكتب التخطيط اليوناني Doxiadis Association وكان المفهوم للتوسع حتى 3 ملايين نسمة. وفي عام 1973 تم وضع خطة تطوير شاملة لبغداد (2000) من قبل الشركة الاستشارية البولندية (Polservice) والمعتمدة حتى الآن. أما في عام 1987 فقد تم وضع مخطط التنمية المتكاملة لمدينة بغداد (2001) من قبل الشركة اليابانية الاستشارية JCCF ولكن لم يتم تنفيذها. وأخيراً في عام 2010 تم إعداد المخطط الإنمائي الشامل لبغداد (2030) من قبل شركة خطيب وعلمي والمستشارين اليابانيين PCI وأمانة بغداد، وعلى الرغم من مرور ما يقرب من نصف الفترة المحددة، إلا أنه لم تتم الموافقة عليها لحد الآن. ويتضح أن وسط المدينة التاريخي قد شهد العديد من خطط التنمية، ولكن على أرض الواقع، لا تزال قوى العولمة والفوضى هي الجهات الفاعلة والمؤثرة على هذا النسيج العمراني التاريخي المهم.

استكمالاً لفعاليات مؤتمر (العراق الحضري في القرن العشرين: منظورات متنوعة)، استضاف بيت الحكمة فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر، مفتتحاً الجلسات بكلمة للدكتور حيدر قاسم مَطَر التميمي، رئيس قسم الدراسات التاريخية في بيت الحكمة. تناول الدكتور التميمي في كلمته بعضاً من المراحل التاريخية التي مرت بها المدن العراقية والتحديات التي تواجهها، متمثلة بالحاجة الماسة إلى تخطيط عمراني يعيد للمدن العراقية، التاريخية منها والحديثة، مكانتها التي تليق بها. كما تطرق الدكتور التميمي إلى الشروع لإعداد مؤتمر علمي دولي يحتضنه بيت الحكمة بالتعاون مع المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، يتناول موضوعات التقلبات المناخية والبيئة والطاقة النظيفة وإيجاد الحلول الناجعة لتلك المشكلات.

الجلسة الرابعة
محور الجلسة: منظورات محلية.. الإقليم كقيمة ومقياس للتحليل
رئيس الجلسة: الدكتورة دوروتا فورونيكا / جامعة لودز
مقرر الجلسة: معاون رئيس مترجمين أم كلثوم إياد أحمد

البحث الأول: الدكتور محمود خياط / جامعة هه ولير- أربيل
عنوان الورقة البحثية: الموروفولوجيا الحضرية لأربيل.. من مدينة عثمانية إلى الليبرالية الجديدة
قدم الباحث نبذةً عن تاريخ مدينة أربيل وتأثرها بالتغيرات على مر العصور، إذ شهدت مدينة أربيل نمواً كبيراً بعد أن كانت تحت فترة الاحتلال العثماني ومحاولة طمس كل معالم المدينة الحضارية من 1914-1931، وعانت من سياسة التتريك. ومن بعد تحرر المدينة من سيطرة الاحتلال العثماني رافق التحرر ظاهرة النمو الحضري، إذ كانت في بداية القرن العشرين مدينة صغيرة جداً، قلعة صغيرة مستديرة وباقي المنشآت في السهل أسفل القلعة، ثم شهدت نمواً بطيئاً جداً لغاية نهاية الستينيات من القرن المنصرم، إذ كانت المدينة وطرقها تتكون بشكل حلقي، وحتى بداية القرن العشرين، وبعد النظام الستيني نسبةً إلى عرض الطريق، وبعد ذلك شهدت المدينة تطوراً سريعاً، لاسيما بعد عام 2003، مثل التوسع الحضري والنمو السكَّاني، وهجرة الريف إلى المدينة، وظهور البنايات العالية والضخمة، وكذلك نمو الخصخصة.. أثرت هذهِ التطورات على نمو سوق السكن وانتعاشه، وكذلك انتعاش المعيشة، وزيادة الطلب على السكن داخل المدينة، وتحول نمط العيش من نمط الطلب إلى النمط المترف حدَّ البذخ.
الليبرالية الجديدة والطابع النيو-ليبرالي مبني على تشجيع إبراز التطور الاقتصادي والحضري في هذا النمط من العيش، والذي يكون الادخار أقل والاقتراض أكبر، وضعف العلاقات الأسرية، والبحث عن الراحة من خلال الترف والبذخ الذي يقدم على أنه رمز للتمايز والرقي.
وأضاف الباحث إن بحثه يهدف إلى تقديم صورة التغيرات الموروفولوجية لمدينة أربيل خلال القرن العشرين، وتقصي خصائص الليبرالية الجديدة للبُنية الحضرية والمتمثلة في أربيل الجديدة.

البحث الثاني: الأستاذ الدكتور محمود عباد الجبوري / كلية التربية للعلوم الإنسانية - جامعة تكريت
عنوان الورقة البحثية: تغير وظائف بعض مدن صلاح الدين وتطورها في القرن العشرين.. دراسة في العوامل المؤثرة
تحدث الباحث عن أهمية مدينة صلاح الدين، التي تُعد حلقة وصل بين محافظات العراق المختلفة، كما تُعد تكريت هي مركز مدينة صلاح الدين المطلة على نهر دجلة، مركزاً لاستيطان البشر. وفي محاولة من الباحث لتتبع تغير وظائف مدن صلاح الدين المتضمنة: تكريت، وسامراء، والعلم، والدور، وبلد. اختلفت الوظائف في مدن صلاح الدين من إدارية ودينية واقتصادية والسياسية، إنَّ مدينة سامراء ذات طابع ديني لوجود الإمامين العسكريين، بينما تُعد تكريت مدينة مسيحية (أبو زكريا يحيى بن علي).
تحتل محافظة صلاح الدين مساحةً جغرافية كبيرة تربط مدن الشمال العراقي بجنوبه، إضافة لموقعها على ضفاف نهر دجلة الذي شكَّل عاملاً مهماً لربط المحافظة مع بعضها، وبهذا تعد صلاح الدين ربطاً حضارياً واقتصادياً وإدارياً مع شمال ووسط وجنوب العراق (الموصل وبغداد والبصرة).

البحث الثالث: الدكتور عبد الزهرة تركي الفتلاوي / دكتوراه في التاريخ الإسلامي
عنوان الورقة البحثية: المشخاب.. الجغرافية والتاريخ والمجتمع
تناول الباحث الموارد الاقتصادية، وتاريخ التواجد السكَّاني وعدد السكَّان الإجمالي، التركيبة العشائرية، العوامل المؤثرة في حياة المجتمع المشخابي، وأهم الأدوار السياسية خلال القرن الماضي الـ(100 سنة الماضية).

البحث الرابع: الدكتورة مارغريت فان أس / معهد الآثار الألماني - برلين
عنوان الورقة البحثية: الارتباطات الثقافية بين السماوة وأوروك الوركاء في محافظة المثنى
تحدثت الباحثة عن الجذور التاريخية للمدينة، حيث أنها تعود قديماً إلى الفارس العربي المثنى بن حارث الشيباني، وتُعد من المدن التاريخية، كذلك أوروك لدى السومريين والبابليين، والتي تقع شرق ضفة نهر الفرات، وتبعد حوالي 30 كم شرق المثنى، وهي إحدى أولى المراكز الحضارية في العالم، والتي ظهرت بداية العصر البرونزي. وهي مهد الكتابة، والتي ظهر منها الحرف الأول بالشكل الصوري، ومن آثارها زقورة المعبد الأبيض، أما مدينة المثنى فهي ثاني أكبر محافظة في العراق من جهة المساحة، والأقل من جهة السكَّان. مركزها السماوة، وتميل إلى طابع البداوة، تقع جنوب العراق على نهر الفرات، تبعد مسافة 280 كم جنوب شرق بغداد، يميل مناخاها إلى الحرارة، وهي عاصمة محافظة المثنى منذ عام 1969.
تقع المدينة على نهر الفرات وعلى الطرق المؤدية من بغداد إلى البصرة وغربها، وقد منح هذا الموقع البلدة الصغيرة أهميةً لوجستية واقتصادية منذ أواخر العهد العثماني. اليوم، هناك العديد من الروابط بين السماوة وأوروك، كموقع أثري يلعب دورًا مهمًا في التعريف الثقافي للمنطقة. ما يوجب استغلال الإمكانات الاقتصادية لهذا التزاوج بشكلٍ كامل في المستقبل.

الجلسة الخامسة
محور الجلسة: إعادة التفكير بالمدينة من خلال الديناميات القادمة من الأطراف
رئيس الجلسة: الأستاذ الدكتور محمود عبد الواحد القيسي / جامعة بغداد – كلية الآداب
مقرر الجلسة: رئيس مترجمين ميساء فلاح حسين

البحث الأول: الدكتور مظفر علي الجابري / تخطيط حضري
عنوان الورقة البحثية: مدينة بغداد.. إعادة أعمارها وتطور أداءها الحضري والجمالي
اتخذ الباحث من مدينة بغداد في الخمسينيات نموذجاً لما آلت إليه من تغييراتٍ هيكلية بعدها لزيادة عدد سكَّانها، فقد كان عدد نفوسها 500 ألف، وعدد المركبات 130 مركبة، وكان المحور الرئيس هو شارع الرشيد فقط، فلما زاد السكَّان وأصبحت المدينة مزدحمة اقترحت الشركة المشرفة فتح محور جديد في قلب المدينة، وكان قرار جريء، فقد تم هدم عدد من المباني والوحدات السكنية. وبعدها بسنوات وكلما ازدحمت حركة المرور والشوارع يتم فتح محور جديد، لذا فالمدن بحاجة إلى مقترحات جريئة وجديدة ونافذة المفعول بدون تأجيل لتسهيل الحركة.
أما في عام 2015 ونظراً لظروف سياسية واقتصادية مر بها البلد، وحدوث زحامات واستهلاك وهدم بعض الجسور والشوارع، طُلب من جامعة بغداد تشخيص المشاكل ووضع حلول هيكلية وجذرية، وتم عمل دراسات عمرانية مستفيضة جاءت بها مقترحات، منها نظام النقل السريع، ومنها خط المترو بخطين وبأربعة خطوط مع باصات مغذية. وتحديد نمو المدينة من خلال بناء الحزام الأخضر، ولكنه كان غير ناجح واستُبدل ببناء مصانع أو ثكنات عسكرية لإيقاف توسع المدينة.
ذكر الباحث أهم الطرق الناجعة لتقليل الازدحام السكَّاني والمروري، هي عمل مجمعات سكنية على أطراف مدينة بغداد، على سبيل المثال مجمع بسماية، ومدينة سبع البور، التي تستوعب عدد هائل من السكَّان.

البحث الثاني: الدكتورة سارة بيرسلي / جامعة نيويورك
عنوان البحث: الهجرة الريفية وتعليم البنات العراقيات للفترة من (1932-1958)
اتخذت الباحثة من تقرير Monroe report 1932 نموذجاً لبحثها وما جاء فيه من قرارات تعليم المرأة والفتيات الصغيرات، حيث كان التعليم يختلف بمناهجه لفتيات عما عنه للأولاد. ففي عام 1932، قاد (مونرو) رحلة استكشافية للمُعلمين من معهد التعليم الدولي إلى العراق، حيث زاروا المدارس في منطقتي بغداد والبصرة قبل استضافة مؤتمر حول التعليم في عاصمة البلاد، ونشر النتائج التي توصلوا إليها في تقرير (مونرو) إلى حكومة العراق. رافق (مونرو) طالب الدكتوراه محمد فاضل الجمالي، الذي ساهم بفصلٍ من رسالته، العراق الجديد، في تقرير مونرو، وعمل أيضًا كمترجم للبعثة.
واسترسلت قائلةً إن الفرص التعليمية المتاحة للأطفال المهاجرين قد تتأثر بعدة أسباب، بدءاً بضعف الوضع القانوني وانتهاءً بالفقر وقلة العناية الحكومية، انتهاءً بالتمييز الحاصل بين تعليم الفتيات والأولاد.
وأخيراً تحدثت عن كتابها المعنون (Familiar Future)، كعمل فكري واسع ومتطور، حيث يُلقي ضوءًا تحليليًا وتاريخيًا جديدًا على النظام التعليمي في العراق، وخطط الإصلاح الزراعي، وسياسة وتاريخ التنمية، وقانون الأحوال الشخصية لعام 1959. كما يتناول الكتاب موضوعات مألوفة إلى حدٍ ما لقارئ التاريخ العراقي. وتجلب بيرسلي الدقة والنضارة المفاهيمية والمنهجية إلى مصادرها الأولية، الجديدة والمُشار إليها بانتظام على حدٍ سواء، وتعطينا طرقًا جديدة للتفكير في الماضي التاريخي.

البحث الثالث: الدكتور عادل العامري
عنوان البحث: التركيبة الاجتماعية لمدينة الكوفة للفترة (1968-1979)
تناول الباحث مدينة الكوفة ومجتمعها المتباين وتنوع ثقافاته وتركيبته العشائرية، متحدثاً عن وجودها كمدينةٍ عريقة وقديمة حضارياً، حيث كانت مركزاً دينياً لكثرة وجود المراقد والمراكز والمدارس الدينية البحثية.
إضافة إلى مركزها وسمعتها الدينية لدى المحافظات العراقية الأخرى، فهي تُعرف بالأدب والشعر، فبرز الكثير من الأدباء والشعراء، واشتهرت بتنوع الحرف والأعمال كالنجارة والتجارة، موضحاً ذلك بصورٍ قديمة أُخذت في تلك الفترة لمدينة الكوفة وسكَّانها المحليين.
ناهيك عن دور المرأة حيث قامت بعض الأُسر الكوفية بإرسال الفتيات إلى المدارس للتعليم، فمارسوا بعد ذلك مِهَن مختلفة كالطب والتوليد.
ومع نزوح بعض المواطنين من المحافظات الأخرى لوجود فرص عمل متزامنة مع فتح معامل ومصانع آنذاك، توسعت المدينة وأنشئت أحياء سكنية جديدة، حيث كان يؤمها الزوار من جميع أنحاء العـالم، فسكنـها عــــدد كــــبير مــن طلــبة العـلوم الـدينية وأساتذة الحــوزة العلمية فــي النـجــف الأشرف، وقد اتخذ البعض من مدينة الكوفة داراً للاصطياف والاستراحة والإقامة، وبخاصة عند ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف.

وفي نهاية الجلسة تم فتح باب النقاش بين الحاضرين والباحثين، وتوصل الباحثون إلى مجموعة توصيات رئيسة، منها:
- رفع مستوى التعليم والمناهج إلى مستوياتٍ تواكب التطور العلمي والثقافي لكِلا الجنسين.
- الأخذ بنظر الاعتبار ما يتم طرحه من نظرياتٍ علمية مدروسة محلية وعالمية لتنهض بالواقع التعليمي والثقافي بما يناسب ثقافاتنا ومجتمعنا ومتطلباته.
- الحفاظ على تراث المدن العراقية، ومنع بناء العمارات والأبراج العالية.
- التداول المستمر بين كل المؤسسات والدوائر بالعمل كلجان دائمة مشتركة لحل الأزمات في شوارع المدن، وتوفير حلول جذرية لا آنية.
- أخيراً، الحفاظ على الإرث الحضاري في مدينة بغداد بهيئته التراثية المتمثل بشارع المتنبي والمدرسة المستنصرية وغيرها، والتأكيد على أصالتها التاريخية، وهذا ينطبق على كل محافظات العراق.

الجلسة السادسة
محور الجلسة: العنف الحضري والسلطة.. المدينة كرهان ومسرح للصراع
رئيس الجلسة: الأستاذ ماثيو رَي
مقرر الجلسة: مترجم أقدم قيس محمد ناصر

البحث الأول: تيبو لافال / المعهد الفرنسي للشرق الأدنى - بيروت
عنوان الورقة البحثية: النجف.. الفضاء الحضري، الطقوس الدينية والصراع السياسي (1948-1958)
تناول البحث الأوضاع في مدينة النجف بين عامي 1948 و 1958، حيث كانت مدينة النجف المقدسة موضع عنف حضري شلته لأيام، سواءٌ في وثبة 1948، أو أثناء انتفاضة 1952، وخاصةً خلال انتفاضة 1956. كانت التمردات والمعارضة السياسية تتم في مساحاتٍ معينة، ولاسيما الشوارع الجديدة الناتجة عن التنمية العِمرانية والسراديب Sarâdîb، شبكة مترو أنفاق واسعة تحت المدينة القديمة النجف. بالإضافة إلى ذلك، تُستثمر الشعائر الدينية في النجف كمنصاتٍ سياسية. أوضح الباحث أن الغرض من عرضها هذا هو إظهار كيفية استخدام الحزب الشيوعي العراقي المساحات وهذهِ الطقوس لتعبئة الشوارع وإثارة الاضطرابات ضد الملكية.

البحث الثاني: الدكتورة دينا خوري / جامعة جورج واشنطن – تواصل إلكتروني
عنوان الورقة البحثية: البصرة في القرن العشرين.. تأثيرات الحروب على المدينة
تمت كتابة معظم تواريخ الحروب من وجهة نظر الوطنيين وليس الحضريين، ولكن من خلال تفضيل التاريخ الحضري في سرد تاريخ الحرب. يمكننا فهم التأثير المختلف للحروب على المشهد الوطني. فإن الحروب وطنية، تكون تجربتها مختلفة في أماكن مثل البصرة وخرمشهر عما هي عليه في بغداد والنجف وطهران وتبريز خلال الحرب العراقية الإيرانية. الاختلاف في تلك التجربة غيرت العلاقات بين المدن ومناطقها النائية، وأعادت تعريف الهوية الحضرية السياسة، وشكلت سياسة التنافس على سلطة الدولة.
عززت الحرب الإيرانية العراقية التسلسل الهرمي للمواطنة بين مختلف المراكز الحضرية في العراق. على عكس المراكز الحضرية الداخلية، كانت المدن الحدودية مثل البصرة والعمارة مراكز القواعد العسكرية الكبيرة والتوقفات الحاسمة للقوات المتوجهة إلى الجبهة والعودة منها. كانت المناظر الطبيعية الثقافية والمكانية الحضرية وكذلك المؤسسات الحضرية أكثر كثافة عسكرية في البصرة من أي مكان آخر في العراق، باستثناء كركوك، التي أصبحت مركزًا لمكافحة التمرد ضد القوميين الأكراد. أدت الحرب إلى نهاية الاستقلال البلدي للمدينة فيما يتعلق بالمسائل المدنية وحل محلها حزب البعث والجيش (وزارة الدفاع) والأمن والدفاع المدني (وزارة الداخلية) وأصبحت بيروقراطيات ضمنت الأمن إضافة إلى أمن السكَّان.
عانت البصرة من أشكال مختلفة ومتداخلة من العنف الإنساني والمادي والتدمير البيئي لحربين. العنف الأكثر منهجية، وغالبًا ما يكون مدعوم قضائياً. سواءٌ كان من الأجهزة الأمنية المختلفة وحزب البعث. حيث القمع الوحشي لمناهضي الحكومة. طوَّر حزب البعث ووزارة الدفاع، ومديرية الأمن العام، ومختلف الدوائر ومؤسسات الدولة مجموعة من الإستراتيجيات المكانية، لمواجهة التحديات الأمنية.
كانت التحديات كيف أعلم أمن الاستراتيجيات المكانية لحزب البعث بتكوين التنظيم السكَّاني في البصرة وريفها ؟ ما الدور الذي لعبته هذهِ الاستراتيجيات في العنف المنظم خلال عام 1991 ؟ للإجابة على هذهِ الأسئلة، حاولت الباحثة بيان كيف أن أشكال محددة من الأمنيات والعسكرة في البصرة شكَّلت التوزيع المكاني للعنف بين عامي 1980 و 1991، خلال الانتفاضة قصيرة العمر؛ لأنها حددت أهداف السكَّان المتمردين.


 

تهيئة الطابعة   العودة الى صفحة تفاصيل الخبر