الامازيغ أو البربر .. قراءات في أصل التسمية والتاريخ

2019-02-27

الامازيغ أو البربر .. قراءات في أصل التسمية والتاريخ

ندوة اقامها قسم الدراسات التاريخية


الأمازيغ أو البربر.. قراءاتٌ في أصل التسمية والتاريخ



عَقَد قسم الدراسات التاريخية في بيت الحكمة، وبالتعاون مع قسم التاريخ في كلِّية الآداب – الجامعة المستنصرية، يوم الأحد المُوافق 24/2/2019م في الساعة العاشرة صباحاً، ندوته العلمية المعنونة: ( الأمازيغ أو البربر.. قراءاتٌ في أصل التسمية والتاريخ ) على قاعة مؤتمرات الكلِّية المذكورة. وقد ترأس الجلسة الأستاذ الدكتورة جنان عبد الجليل الهموندي، وبمقررية الباحث في قسم الدراسات التاريخية الدكتور حيدر قاسم مَطَر التميمي، وكان المشاركون في هذهِ الندوة العلمية هم كلٌّ من:
1. أ.د. رضا هادي عباس. الجامعة المستنصرية - كلية التربية.
2. أ.م.د. ماهر صبري كاظم. الجامعة المستنصرية  –كلية الآداب.
3. أ.م.د. حسين علي قيس. الجامعة المستنصرية  –كلية الآداب.
4. أ.م.د. ثامر مكِّي الشمَّري. الجامعة المستنصرية  –كلية الآداب.
افتتحت السيدة رئيس الجلسة وقائع الندوة بالترحيب بالسادة الحضور، مشيدةً بدور بيت الحكمة في الاستمرار على صبِّ جُلَّ اهتمامهِ لمُعالجة أبرز وأهمِّ القضايا التاريخية والفكرية والدينيَّة والاجتماعية. كما أشارت في مطلع مقدمتها التي افتتحت بها وقائع هذهِ الندوة العلمية، كيف طال التصدي للوحدة المغربية والمتساكنين المغاربة الآمنين مع استمرار المستعمرون الخوض في هذا الموضوع الخِصب ليروا الشَّمل الذي جمعه الله قد افترق والعِقد النَّضيد وقد تناثر إلى عقول الناشئة، الذين تلقَّوا عن الأساتذة والباحثين أفانين من الكلام المزوَّر والنَّقد المُغرض كلَّ ذلك بدعوى الثقافة والبحث، ولقد سلك الباحثون المستعمرون أخسَّ مسالك التضليل فلجوا في غَمرة الموضوع مُضلِّلين ضالِّين، وجعلوا من حرية البحث ذريعةً إلى الفوضى وضيق الأُفق والغرض الدنيء واعوجاج الرأي، وقد اتخذوا هواهم وسيلةً إلى مسخ الحقائق، وبثِّ سموم الشك، وإرهاق الحق وإعلان الباطل، ولكن لم يتم لهم شيء من ذلك ولن يتم؛ لأنَّ الشمس الساطعة لا تحجب نورها الأيادي الواهية، ولأنَّ الحق لا يُغالبه الباطل مهما طال الزمان وكبر الادعاء.
فإذا كانت الوحدة المغربية عاطفة وطنية، تتأجَّج في كلِّ قلب، وأنشودةً حية تتدفَّق على كلِّ لسان، فإنَّها كذلك حقيقة واقعية تؤديها الحُجَّة التاريخية والعوامل السالبة والبراهين الإجتماعية.

الباحث الأول ضمن هذهِ الندوة العلمية، كان الأستاذ الدكتور رضا هادي عباس، بورقتهِ البحثية المعنونة: (الإسهام الحضاري للبربر (الأمازيغ) في الأندلس)، مقدماً لمحة تاريخية عن واقع شبه جزيرة أيبيريا The Iberian Peninsula (La península ibérica) قبل الفتح الإسلامي، ذاكراً كيف أنَّ الأندلس التي كانت تُسمَّى بشبه جزيرة أيبيريا - والتي تشمل اليوم إسبانيا والبرتغال- كان قد حكمها أقوامٌ عدَّة، منهم الفينيقيون ثمَّ جاء الرومانيون والقرطاجيون والإغريق، الذين أطلقوا عليها اسم (اسبانيا España)، ثمَّ غزاها الوندال، وهم قبائل متبربرة، ثمَّ القوط الغربيون في القرن السادس الميلادي، وأخيراً فتحها العرب المسلمون عام (92هـ/711م) في عهد الوالي بالمغرب موسى بن نُصير (19-97هـ/640-716م) وقائدهِ (البربري) طارق بن زياد (ت101هـ/719م)، وكان حال إسبانيا في ظلِّ الحكم القوطي قبل الفتح الإسلامي لا يختلف عن حال أوربا عموماً من حيث الجهل والتخلف والفوضى.
لقد دخل البربر (الأمازيغ المغاربة) الأندلس جنباً إلى جنب مع عرب المشرق، وكان أول طلائعهم تلك التي دخلت مع طارق بن زياد، ثمَّ لَحِقت أعداداً كبيرة منهم بعد الفتح، فعبروا البحر، وظلَّت هجرة البربر إلى الأندلس مستمرةً ومتصلة، بحكم الجوار الجغرافي، وكان أكثرهم من قبيلة (زناتة) وفروعها.
ولقد انتشر البربر في معظم نواحي الأندلس، لاسيَّما المناطق المتفرقة في أقصى الشمال الشرقي والغرب، أو ما يُسمَّى بالثغور، وصار معظم ولاة الثغور من البربر.
ولم تكن منازل العرب والبربر بالأندلس، والتي استقروا بها، اختياراً أو استئثاراً لفريقٍ على آخر كما ذكر عدد من المستشرقين الأوربيين، إنَّما استقروا حيث نزلوا أو ساروا أول أمرهم، وصارت منازلهم على ذلك، ومالَ كلَّ فريقٍ منهم إلى ما يُناسبه من النواحي والمدن، فاستقر العرب في السهول والمنخفضات والنواحي الدافئة القليلة المطر لاسيَّما في الجنوب والشرق والغرب، في حين فضَّل البربر المناطق الجبلية العالية فاستقروا بها باختيارهم لشبه كلِّ بقعةٍ بما كانوا عليه في المشرق الإسلامي أو في بلاد المغرب الإسلامي، وقد اختلط البربر أيضاً مع السكَّان الأصليين بالأندلس، وارتبطوا معهم بروابط المُصاهرة والمودَّة؛ لأنَّهم وفدوا على شبه جزيرة أيبيريا في شكلِ جنودٍ أو قادة لا في شكل أُسر. إنَّهم لم يأتوا في أغلب الأحيان بنسائهم وزوجاتهم وتحولوا مع الزمن إلى (بلديين أندلسيين)، أي سكَّان أصليين، وصار لهم إسهامٌ بارز في فتح الأندلس أولاً، وشاركوا في فتوحات وراء جبال البرتات (بلاد الغال) ثانياً، كانوا قوةً دافعة ومجددة لهذهِ الفتوح على الرغم من حداثة عهدهم بالإسلام. ولكن في الوقت نفسه نجدهم كانوا أكثر تمسكاً بالإسلام وحماسةً للفتح من العرب؛ لأنَّ الإسلام كان وسيلتهم الأولى إلى الأندلس.
وحول الأسباب التي دعت الباحث إلى درس هذا الموضوع الشائك بمُلاباساتهِ وتناقض الروايات والمصادر حوله، يُشير إلى أنَّه محاولة منه إلى تسليط الضوء على هذهِ الأُمَّة التي عانت كثيراً من ظلم الظالمين في العصور القديمة والوسطى وحتَّى الحديثة والمعاصرة، فضلاً عن قلَّة البحوث والدراسات عنهم في الجامعات العراقية لقلَّة المصادر والمراجع، كذلك الرد على بعض اتهامات المستشرقين الأوربيين وغيرهم ممَّن تبنَّوا دعاوى عِرقية إثنية، كذلك عزوف الكثير من الباحثين عن البحث في إسهامات البربر الإدارية والعلمية في الأندلس؛ وذلك لطغيان المادة التاريخية المتعلقة بالحياة السياسية والاجتماعية للبربر على باقي جوانب حياتهم، فاتجه أغلب الباحثين حيث كثرة المادة التاريخية، فضلاً عن تناثر المادة التاريخية التي تخص الجوانب الإدارية والعلمية للبربر وصعوبة جمعها، وكذلك فإنَّ المصادر سيَّما كتب التراجم لم تذكر علماء البربر وإنْ ذكرت فإنَّما تذكرهم باختصار.


(خارطة لشبه جزيرة أيبيريا (إسبانيا والبرتغال)، تعود للفترة (1705-1739م)، المصدر: H. A. Chatelain)

الباحث الثاني، كان الدكتور ماهر صبري كاظم، بورقتهِ البحثية المعنونة: (أثر البربر في الأندلس)، والذي حاول أنْ يتعقَّب أبرز المراحل التاريخية والأحداث المفصلية من تاريخ الأندلس، والتي كان لعنصر البربر دورٌ مهم وحيوي فيها، مبتدءاً بطبيعة الحال مع الفتح الإسلامي لهذهِ البلاد وصولاً إلى ما عُرف بمصادر التاريخ بالفتنة البربرية (399-422هـ/1009-1031م)، وحتَّى قيام دولتي المرابطين والموحدين ودخولهما بلاد الأندلس.
ومن خلال قراءةٍ متأنية ودقيقة لِمَا أورده لنا الباحث من معلوماتٍ وسير أحداثٍ متشابكة، يمكن لنا القول إنَّ تاريخ البربر فيه الكثير من الأحداث التي غيَّرت مجرى الدول، وكان لهم الكثير من المواقف التي دوَّنها التاريخ عِبرَ أجيال، فعندما نستذكر تاريخ البربر نجد أنَّ لهم شأنٌ كبير في الأندلس، فبعد مشاركتهم خلال المراحل الأول في الفتح الإسلامي لها، استمرت هجرات البربر خاصةً في عصر الولاة لعدَّة أسبابٍ منها اقتصادية وسياسية واجتماعية وعلمية وجغرافية، وهي لم تكن على وتيرةٍ واحدة بسبب هيمنة الدولة الأموية على الشمال الأفريقي والأندلس فضلاً عن نظرتهم إلى البربر ممَّا أوقفت تلك الهجرات، غير أنَّها عادة وبقوةٍ بعد أنْ أسَّس عبد الرحمن الداخل (113-172هـ/731-788م) دولةً أمويةً جديدة في الأندلس بمُساعدة البربر، ممَّا أسهم برفع شأنهم مرةً أخرى في الأندلس، ليصبح العنصر البربري مفضل على العنصر العربي واستمر هذا الحال حتَّى نهاية عصر الحجابة عندما استولى على السلطة أمراء أمويين جُدد، اتَّسم بمشاعر مليئة بالحقد على البربر فحدثت الفتنة البربرية، وهو الصِّراع العربي البربري، وبالتالي دخول الأندلس في صراعٍ أهلي دموي من أجل السيطرة على حكم الأندلس أدى إلى سقوط الخلافة الأندلسية وحلَّ محلهُ عصر الطوائف، ممَّا أضعف الأندلس مرةً أخرى لتستعين هذهِ المرة بالبربر من جديد بدعوةٍ رسمية إلى الحركة الجديدة التي تُعرف بالمرابطين من أهل المغرب، والذين أوقفوا سقوط الأندلس لعقود، وتكرر المشهد التاريخي عندما حلَّ الموحدون بدلاً عنهم، إلَّا أنَّ الأخيرين لم ينجحوا في آخر معركةٍ لهم مع الممالك الأسبانية عندما انهزموا في معركة (العقاب)، وبالتالي أنهت الوجود الموحدي في الأندلس وسقوطهم في المغرب، ما أدى إلى ضعف الأندلس بعد خسارتها الحليف القوي لها على مدى قرونٍ عدَّة، لتنهار وتسقط في النهاية وبشكلٍ كامل عام (897هـ/1492م).

ثالث الباحثين المشاركين في هذا النشاط العلمي، هو الأستاذ المساعد الدكتور حسين علي قيس، بورقتهِ البحثية المعنونة: (دور قبيلة كتامه في تاريخ بلاد المغرب)، والذي حاول من خلالها تقديم لوحاتٍ تفصيلية عن قيام الخلافة الفاطمية بالمغرب الإسلامي، والكشف عن الدور البارز الذي لعبته قبيلة (كتامة) الأمازيغية التي استوطنت شمال المغرب الأوسط (الجزائر) في احتضان الدَّعوة الشِّيعية، والتمكين لقيام الدولة الفاطمية وتدعيم ركائزها وتوسعها وحمايتها...
مقدِّماً تفاصيل وافية عن كيفية قيام الخلافة الفاطمية في المغرب الإسلامي انطلاقاً من بداية الدعوة الشِّيعية في المنطقة على يدِ الداعية اليمني أبو عبد الله الشِّيعي (ت298هـ/911م)، الذي دخلها بصُحبة حُجَّاج من قبيلة كُتامة الأمازيغية واستقر بـ(إيكجان) بين ولايتي ميلة وسطيف بالجزائر، ولتستمر الدعوة (13) سنة لتُكلَّل باحتضان قبيلة كُتامة لها وقيامها ببسطِ نفوذ الفاطميين على المغرب الإسلامي والقضاء على الأغالبة والرستميين والأدارسة والمدراريين بالمغرب الأقصى والمغرب الأوسط، وكذا المغرب الأدنى (المملكة المغربية والجزائر وتونس حالياً)، وقد بنى الفاطميون مدينة (المهديَّة) بتونس لتكون العاصمة الأولى لخلافتهم الناشئة سنة 308هـ/920م، وبويع عُبيد الله المهدي (ت322هـ/934م) كأول خليفةٍ فاطمي.
وفي عهد الخليفة الرابع المعز لدين الله (ت365هـ/975م) أرسل جيشاً من قبيلة كُتامة قوامه (100) ألف جندي بقيادة جوهر الصقلي (316-381هـ/911-992م) إلى مصر، فتمكَّن من فتحها سنة 358هـ/972م وشيَّد عاصمتها القاهرة، ثمَّ بنى جامع الأزهر سنة 972م ليتجه بعدها إلى فتح بلاد الشام والجزيرة العربية واليمن وصقلية مُعتمداً في ذلك على الكُتاميين ونقل عاصمته إلى القاهرة، وحينها بدأ العصر الذهبي للفاطميين، فكان حكمُهم واحداً من أعظم الفترات المتألِّقة في التاريخ الإسلامي، ثقافياً وفنياً واقتصادياً وعسكرياً، وكان لقبيلة كُتامة الدور البارز فيها منذ نشأة الخلافة الفاطمية إلى غاية زوالها سنة 1171م.
وقد أخذ المعز لدين الله أبرز قادتها وعلمائها وأدبائها معه إلى القاهرة ومكَّنهم من السَّيطرة على مساحاتٍ زراعية مهمة، وأخذ معه خمسمائة جمل مُحمَّلة بالذهب، ولمَّا استقر بمصر قام برفع قيمة الدينار وبلغ الرخاء الاقتصادي بالبلد درجةً عالية• استخلف المُعز لدين الله (بلكين بن زيري الكُتامي) على بلاد المغرب، فبنى مدناً عدَّة، منها: (أشير) و (قلعة بني حمَّاد) اللتان أصبحتا من الرموز الثقافية بالمغرب الأوسط وقبلةً للعُلماء والشُّعراء.
الباحث الرابع والأخير، هو الدكتور ثامر مكي الشمَّري، مشاركاً بورقتهِ البحثية المعنونة: (طائفة البربر (الأمازيغ) في الدراسات الاستشراقية)، الذي بيَّن في البدء أنَّ الظاهرة الاستشراقية كان لها اهتمامٌ كبير بكلِّ مناحي الحياة العلمية والثقافية والفكرية والسياسية للأمَّة الإسلامية، وهذا ما يُفسِّر غزارة الإنتاج الاستشراقي ووفرة الدراسات والأبحاث التي قام بها المستشرقون - باختلاف توجهاتهم وأهدافهم - حول الحضارة الإسلامية وتاريخها المجيد. وكما أنَّ للاستشراق حسناتٌ لا تُجحَد، فإنَّ له بالمقابل سيئات لا تخفى على مَن له أدنى إلمام بموضوع الظاهرة الاستشراقية، ولعلَّ أسوء ما يؤخذ على الاستشراق كونه وسيلة لتحقيق الأهداف التبشيرية والاستعمارية للدول الإمبريالية. فقد كانت هذهِ الدول تعلم – كما يعلم كلَّ أعداء الأمَّة - أنَّ القوة التي يمتلكها المسلمون تكمن في رابطة العقيدة الدينيَّة التي جمعت شتاتهم ووحَّدت صفوفهم وألَّفت بين قلوبهم، ولهذا عَمِل الاستعمار بكلِّ ما أُوتي من قوةٍ وحيلة على زعزعةِ وحدة الأمَّة وتفتيت شملها.
ففي أربعينيات القرن التاسع عشر ارتفعت أصوات بعض المُنظِّرين من الساسة والمثقفين تدعو إلى اعتماد العِلم  وسيلةً لتمزيق وحدة الأمَّة وتفريق جامعتها؛ لأنَّهم يُدركون تمام الإدراك أنَّ قوة السلاح وحدها لا تكفي لاستضعاف الأمَّة والنيل من قوتها. فهذا المفكر الفرنسي طوماسي (Thomassy) مثلاً يدعو في كتابهِ الذي نشره عن المغرب سنة 1842م الفرنسيين إلى الاستعداد لمعرفةِ أرض إمبراطورية المغرب التي لا مناص من غزوها في يومٍ من الأيام. ويعد وجود عرقياتٍ متعددة في التركيبة السكَّانية لدول الشمال الأفريقي النقطة التي سيُركز عليها الاستعمار الأجنبي لهذهِ الدول لأجل بسط سيطرتهِ التامَّة عليها. فقد لاحظ المستشرق لادريت دولا شاريير (Ladreit de Lacharriére) على المستعمرين تقصيرهم في العمل على إحداث تقسيم بين سكَّان المناطق المستعمرة، فيقول: "لم يُبدوا اهتماماً قصد تنويع العناصر الجنسية التي تتكون منها كتلة السكَّان المعادين قصد البحث عن التشقق الذي يتوجب توسيعه في هذهِ الكتلة لتفكيكها". وهذا ما اتجهت إليه السياسة الاستعمارية بالفعل عندما ركَّزت اهتمامها على الجنس الأمازيغي (البربري)، وحاولت تمييزه عن سائر العِرقيات الأخرى التي تُشكِّل الخريطة السكَّانية للدول المحتلة كالجزائر والمغرب. معتبراً الاستشراق من أهم الوسائل التي اعتمدها المستعمر الأجنبي عند احتلالهِ للعالم العربي والإسلامي لتحقيق أهدافه ومراميه، وذلك لأنَّ سياسة الاحتلال والغزو بقوة السلاح وحدها لم تعد سياسة حكيمة تُمكِّن المُستعمر من بلوغ هذهِ الأهداف دون الاعتماد على سلاح العِلم أيضاً.
ولتقريب أثر الاستشراق في بروز القومية الأمازيغية في شمال أفريقيا، عَمَد الباحث إلى تقسيم ورقته البحثية إلى محاور ثلاث، هي:
المحور الأول: السياق التاريخي لظهور المسألة الأمازيغية.
المحور الثاني: طلائع المستشرقين إلى دول شمال أفريقيا.
المحور الثالث: جهود المستشرقين في التنظير للقومية الأمازيغية.
ليخرج في نهاية المطاف بمجموعةٍ من النتائج المتمخضة عن دراستهِ القيمة هذهِ، والتي يمكن أنْ نختصرها بالنقاط الآتية:
•    إنَّ الاستشراق أداة وظَّفها الاستعمار لدراسة الأوضاع الاجتماعية والثقافية للشعوب المستعمرة وتشكيل قومياتٍ عِرقية لاستضعاف هذهِ الشعوب وبسط السيطرة عليها.
•    إنَّ اهتمام المستشرقين بالمسألة الأمازيغية اهتمامٌ قديم ترجع جذوره إلى الحروب الصليبية التي قام بها الأوروبيون بعد النهضة.
•    إنَّ هدف المستشرقين من الاهتمام بالمسألة الأمازيغية هو التفرقة بين المسلمين وزرع بذور الشِّقاق بينهم استناداً إلى سياسة (فَرِّقْ تَسُدْ).
•    إنَّ البحث قد أزال كثيراً من الغموض والالتباس اللذين يكتنفان الجذور والأسباب الحقيقية لتكوين القومية الأمازيغية.
•    كما أنَّ البحث يتضمَّن إضاءاتٍ جديدة في التأريخ لِمَا لَم يؤرَّخ من المُعطيات التاريخية المُشكِّلة للخريطة العِرقية لسكَّان شمال أفريقيا في العصر الحاضر.
•    لقد حاولت السياسة الاستعمارية زحزحة الأمازيغ  وفصلهم عن دينهم وأمَّتهم بكلِّ الوسائل لكنها لم تفلح.

اختُتمت الندوة بمُداخلاتٍ وتعقيبات عرضها السادة الحضور من التدريسيين والأكاديميين، بمختلف اختصاصاتهم، من الجامعة المستنصرية. والتي أسهمت في إغناء وتعزيز الموضوعات والإشكاليات البحثية التي طُرحت خلال هذا النشاط العلمي. لتكون مبادرة عمادة كلِّية الآداب، متمثلة بالسيدة عميد الكلِّية الدكتورة فريدة جاسم داره، ختام وقائع الجلسة، وذلك من خلال تكريم السادة الباحثين والمشاركين فيها بكتب شكرٍ وتقدير، تثميناً لجهودهم العلمية والتنظيمية لهذا النشاط.


تهيئة الطابعة   العودة الى صفحة تفاصيل الخبر