الدبلوماسية العراقية في عالم متغير- الحاجة إلى رؤى جديدة

2019-05-05

         الدبلوماسية العراقية في عالم متغير- الحاجة إلى رؤى جديدة

بالتعاون بين قسم الدراسات السياسية والاستراتيجية في بيت الحكمة ومركز النهرين للدراسات الاستراتيجية
للاستاذ المتمرس الدكتور محمود علي الداود مشرف قسم الدراسات السياسية والاستراتيجية في بيت الحكمة والسفير السابق
الساعة التاسعة والنصف من صباح الثلاثاء الموافق 30 نيسان 2019 في مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية  .....
1)    في البداية يسعدني غاية السعادة ان اتوجه بالشكر الجزيل لسعادة الاستاذ علي ناصر بنيان مدير عام مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية على دعوته الكريمة للالتقاء بكم وان انقل له و لكم تحيات وتمنيات الدكتور  إحسان الامين رئيس مجلس أمناء بيت الحكمة الذي يحرص اشد الحرص على ادامة التعاون العلمي مع هذا الصرح المهم .ويسرني ان يترأس هذه الجلسة الاستاذ ابراهيم العبادي رئيس قسم الدراسات السياسية في مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية والذي قرأت له قبل فترة وجيزة في صحيفة الصباح عدد 22نيسان2019 مقالاً مهماً بعنوان (دبلوماسية الحياد الايجابي أم مشروع رؤية عراقية جديدة )
2)    الشكر لله وحده على الفرص التي اتاحها لي وطني الحبيب في مسيرة طويلة بدأت منذ اكثر من ستين عاما عندما بعثتني وزارة المعارف عام 1952 الى جامعات النخبة في العالم وهي جونز هوبكنز وهارفرد ولندن وعدت الى بغداد في تموز 1957 لاكون شاهداً على عصر كان العراق يتهيأ للانتقال لان يكون دولة متقدمة في الشرق الاوسط بفضل مشاريع مجلس الاعمار المبهرة .عدت من الخارج وقد انجزت رسالة الماجستير تحمل عنوان (عوامل ثورة العشرين الوطنية العراقية) واطروحة دكتوراه حول "الخليج العربي والعلاقات الدولية "والاخيرة كانت جواز دخولي  الى وزارة الخارجية حيث عملت حوالي عشرين عاماً أسست خلالها اول شعبة لشؤون الخليج العربي وتوليت مديريات عامة قيادية وعملت خلالها مع أثني عشر وزيراً للخارجية وعدد من رؤساء الجمهوريات والوزارات .وتهيأت لي فرص للعطاء من اجل العراق في اجتماعات الجمعية العامة الامم المتحدة ومؤتمرات عدم الانحياز والمؤسسات الدبلوماسية العراقية ومؤتمرات القمة العربية ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية . وقد اسعدني الحظ ان اعمل في وزارة الخارجية العراقية المؤسسة الدبلوماسية الرائدة في العالم العربي مع نخب ورواد من جيل الابداع الدبلوماسي
3)    لقد كان للاعداد الجامعي الرصين دور هام في خدمة الدبلوماسية العراقية وخصوصاً من خلال دراسات تاريخ الحضارة والتاريخ الدولي فقد افادتني  كمؤرخ او تلميذ قي التاريخ فائدة لا تضاهى في عملي كدبلوماسي واليوم اعتقد جازماً ان معرفة التاريخ والحضارة هو البنية التحتية للدبلوماسية لان فهم الجذور يجعلك تفهم مسيرة القضايا الراهنة .
4)    احداث هامة وقعت خلال الاسابيع الماضية دفعتني الى القاء هذه المحاضرة واختيارعنوانها الاول حدث تاريخي والثاني حدث سياسي حرك المياه الراكدة وفتح ابواب الامل للشعب العراقي .
5)    الحدث التاريخي الاول هو مبادرة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لاطلاق القمر الصناعي 813وتسميته "بيت الحكمة" تيمنا بعصر الازدهار الحضاري العراقي وفي عهد المأمون عندما كانت بغداد عاصمة اوسع دولة اسلامية في التاريخ وعندما كان بيت الحكمة اول جامعة حقيقية في العالم والذي ساهم علماؤه في تأسيس النهضة الاوربية المعاصرة. وكان هذا الحدث مبعث فخر لي ولزملائي في بيت الحكمة احد اهم مراكز البحوث المتقدمة في العراق .
6)    اما الحدث الثاني فهو الحدث السياسي المهم الذي حرك المياه الراكدة وقد أشر انطلاق الدبلوماسية العراقية المعاصرة في حركة غير مسبوقة وذلك من خلال نتائج زيارات السادة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والمبادرة الرائعة من رئيس مجلس النواب لعقد القمة السباعية لرؤساء مجالس البرلمانات لدول الجوار والتي جميعاً تؤشر على قرب استعادة العراق لدوره المحوري في المنطقة والعالم . ان الانفتاح على المملكة العربية السعودية وعودة العراق الى الخليج العربي كدولة محورية يبشر بنهضة دبلوماسية عراقية .
ان حصاد نتائج هذه التحركات الدبلوماسية الهامة يحتاج الى جهد دبلوماسي استثنائي والى البدأ فوراً بالعمل ليلاً ونهاراً لاعادة بناء المؤسسة الدبلوماسية على اسس علمية رصينة تخدم المرحلة القادمة وتهيأ بيئة صالحة ولابد ان تتوفر بالدبلوماسية العراقية قدرات ابداعية جديدة برؤى جديدة وذلك في اطار تنسيق دقيق مع المؤسسات العراقية الاخرى وبروح الفريق الواحد .
7-    ان هذا التحرك الدبلوماسي العراقي الشجاع والحكيم يجب ان يدفع صانع القرار الى اعادة النظر بمناهج السياسة الخارجية العراقية والاولويات العراقية الدولية في التحرك الخارجي فلم تعد اوربا ولا حتى الولايات المتحدة هي محور الدبلوماسية العالمية فقط فقد احتلت اسيا اليوم اهتمام العالم وبسرعة مذهلة .
ان النهضة الاسيوية يجب ان تدفع الدبلوماسية العراقية لاعادة ترتيب اوراقها .ان ما يحدث اليوم في جمهورية الصين الشعبية ومبادرة الحزام والطريق ستغير وجه العالم وهناك نهضة تنموية غير مسبوقة اليوم في الهند وماليزيا وإندونيسيا ودول اسيان .
8)امام الدبلوماسية العراقية اليوم فرص مهمة لاعادة ترتيب العمل العربي المشترك وخصوصاً في المجالات الاقتصادية والثقافية كما ان عودة العراق الى الخليج العربي خطوة اساسية لان هذه المنطقة هي المجال الحيوي الاول للعراق .
9) لقد بادرت باقتراح جملة افكار ورؤى في الشروط اللازمة لبناء جهاز دبلوماسي كفوء عن طريق ادارة دبلوماسية تأخذ بنظر الاعتبار حجم المسؤولية التي تقع على كاهلها  في  الظروف الاقليمية والدولية الراهنة .
ان ما نحتاجه اليوم هو حسن اختيار الكوادر الدبلوماسية وحسن تأهيلها وتوحيد الاهداف والرؤى داخل وزارة الخارجية وفي المؤسسات الدبلوماسية مع الاهتمام بحسن اختيار الممثلين الدبلوماسيين للعراق في منظمة الامم المتحدة والمنظمات الدولية مثل الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والسعي لبناء مركز خاص للبحوث في وزارة الخارجية مثل بقية الدول المتقدمة في العالم .                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               

المزيد من الاخبار