Get Adobe Flash player

مفهوم التطرف وسبل المواجهة والاستئصال

التصوف والمجتمع

حوار الأديان، المنهجية وقضية الاسرة

مغامرة ترجمة الشعر.. علامات الاستحالة وصور الممكن بين الماضي والحاضر

مؤتمر دعم الطاقة وتقليل الانبعاثات

مجلات بيت الحكمة

اصدارات مجانية

اصدارات مجانية

الساعة الآن

معرض المرئيات


رئيس الوزراء : وصلنا الى مناطق منسية بالرغم انها مناطق مأهولة بالسكان لم تدخل فيها الخدمات .

خريطة زوار الموقع

صفحتنا على الفيس بوك

وزارة التخطيط /الجهاز المركزي للاحصاء

تفاصيل الخبر

علم لغة النص : بين التراث العربي الاسلامي والمعاصرة الغربية


2023-03-19

علم لغة النص : بين التراث العربي الاسلامي والمعاصرة الغربية

في اصبوحة ثقافية من اصبوحات بيت الحكمة عقد قسم الدراسات الترجمية واللغوية جلسة حوارية بعنوان (علم لغة النص : بين التراث العربي الاسلامي والمعاصرة الغربية ) اليوم الاحد الموافق 19 اذار 2023 .
ضيف الجلسة المدرس المساعد عبد الزهرة السالم كلية الآداب / الجامعة المستنصرية ويحاوره الاستاذ الدكتور رضا كامل الموسوي / رئيس قسم الدراسات اللغوية والترجمية في بيت الحكمة .
تحدث الدكتور الموسوي عن الجذور التي أسس لها العلماء لعلم لغة النص الذي شاع على ايدي الاوربيين ومفهوم لغة النص الذي يطلق على اللسانيات التي تدرس لغات البشر جميعاً وتتكون من تراكيب وخصائص ونقاط التقاء ومشتركات وعلاقة بين الدال والمدلول ومفاهيم وتصورات.
كما بين إن لغة النص هي لغة تحليل الخطاب وإن علم لغة النص يعتبر الجزء الاهم في هذا التحليل وأن المسلمين اول من وضع اسس وجذور هذا العلم .
وكان عنوان البحث (بين اللسانيات النصية والتراث اللغوي
جذور تأصيلية)
أ.م.د عبدالزهرة السالم
كلية الآداب / جامعة المستنصرية
كل اللغات قابلة للتطور ما دامت لغات حية واللغة العربية واحدة من تلك اللغات القابلة للتطور، لذا وبعد الاطلاع على المناهج الجديدة اعني المدارس الغربية ( البنيوية ، والتحويلية ، والوظيفية ...إلخ) سعى كثير من الباحثين العرب إلى تجديد الرؤية لدراسة اللعة العربية على غرار ما حدث في اللغات الحية ، ومحاولة تطبيق ما جاء في تلك الدراسات في المدارس الغربية ( مدرسة لندن والمدرسة الأمريكية) ، اعني الدراسات الالسنية أو اللسانيات مع وجود بعض المشكلات التي تواجههم التي تخطاها بعض الباحثين ولاسيما الذين يمتلكون لغات أخر غير اللغة العربية ؛ لأنّ الترجمة من اللغات وبطريقة مباشرة سهل لهم قضايا ربّما لم تكن بتلك السهولة لولا لم يكنوا ثنائي أو ثلاثي اللغة ، مع ذلك كتب في هذا العلم (اللسانيات النصية) الباحثون العرب ونقلوا لنا بعد (الترجمة) مفردات ذلك العلم ، ومن ثم كتب المختصون في اللغة العربية ابحاثهم في اللسانيات والتداوليات وأجادوا به وأبدعوا ، لكن يبقى السؤال الذي لابدّ أن يُطرح ، هل توجد جذور لهذا العلم في التراث اللغوي ؟ وهذا الذي أود طرحة في هذا المجال من طريق ما كتبته من أبحاث في مجال اللسانيات ، مع أنّ هناك كثيراً من الأبحاث التي اطلعت عليها كان أغلبها يبدأ بــ( ملامح التفكير اللساني أو التداولي) عند أحد علماء العربية في حين لم تكن ملامح بل أنّ علماء العربية قدموا المفاهيم الحقيقية لما يعرف في الدراسات الحديثة (علم اللسانيات أو التداوليات) ، ولا يمكن القول بغياب المصطلح ؛ لأنّ لكلّ عصر مصطلحاته زد على ذلك أنّ هناك أمرين : التطور الحاصل في اللغات والبيئة وما لها من أثر في تلك اللغات .

الكفاية التواصلية
تُعدّ الكفاية التواصلية من الموضوعات التي نالت اهتمام علماء اللغة الألسنيين  بالدراسة والتحليل من جميع زواياها , فأسهموا في جلاه معنى هذا المصطلح وتوضيح أبعاده , ولاسيما على يدّ العالم اللغوي الاجتماعي ( Dell Hymes) الذي اتفق الألسنيون على أنّه أول من استعمل هذا المصطلح وطوّر مفهومه , وهذا لايعني غياب مفهوم ( الكفاية التواصلية ) عن الفكر اللغوي العربي ، فماذا يعني هذا المصطلح ؟
قدرة المتكلم على إنتاج الكلام أو التحكم باللغة موضوع أثار اهتمام اللغويين القدامى والمحدثين , هذا المفهوم الذي رصد  في التراث اللغوي وعُرف في الدرس اللساني بمصطلح " الكفاية " الذي كانت مادته بوصفه لفظاً حاضراً في المعجم العربي , ولكن ليس بالمفهوم اللساني فـ( الكاف والراء والحرف المعتل أصل واحد يدلّ على الحسب الذي لا مستزاد به , وقد كفى كفاية إذا قام بالأمر, ويقال استكفيه أمراً فكافيته , وكفاك هذا الأمر أي حسبك)(1) , والذي يبدو أنّ هذا اللفظ لم يعط معنى الكفاية التي تعني عند اللسانيين بمعنى " القدرة ", وإنّما دلّت على القيام بالأمر, أو الوصول إلي درجة من المبتغى سواء كان المبتغى مادياً أم معنوياً(2) نعم يمكن أن يوظف هذا اللفظ بدلالة الوصول إلى درجة من المبتغى , أي الوصول إلى ما يكفيه من الأمور المادية أو المعنوية , والقدرة على اللغة هي أحدى المبتغاة لكنّ هذه الدلالة " القدرة على اللغة " لم ترد في المعجم تحت الجذر اللغوي " كفى " , فلم يشر علماء اللغة إلى معنى الكفاية (linguistic Competence )  الذي اعطى اللسانيون الغرب مفهومه بل جاءوا بدلالات متعددة يمكن بيانها على النحو الآتي :
-    يدلّ على قدر كاف ٍ أو بقدر ما يكفيهم , فقد جاء ذلك تفسيراً لقوله تعالى : { إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ} { آل عمران/124} , أي سدّ الحاجة وفوفها الغنى(3) .
-    القيام بالأمر وسقوطه عن الآخرين طلب الكفاية أنّه متوجب على الأخرين , ولكن إذا قام به بعضهم سقط عن الباقين(4).
-    بمعنى درجة الإكتفاء والوصول إلى الحدّ أو فوق الحدّ نحو ما جاء عند الجرجاني في قوله : (فلولا الإخلاد إلى الهوينا وترك النظر وغطاءٌ ألقي على عيون أقوام لكان ينبغي أن يكون في هذا وحدَه الكفاية وما فوق الكفاية)(5) , وقوله : ( ولو لم يكن من الدليل على أتمّ ينجلو اللفظ الفصيلة وهم يريدونه نفسه وعلى الحقيقة إلا واحد وهو وصفهم له أنّه يزين المعنى وأنّه حضي له لكان فيه الكفاية(6) .
ومع ورود هذا اللفظ ( المصطلح) في التراث اللغوي لكنّه ورد بوصفه لفظاً فقط ولم يرد مفهوماً ، أي أنّني لم أجد في المعجم العربي من يعطي المفهوم  لهذا المصطلح ، والذي ذكره بسندي(7) ما هو إلا شرح لمعى اللفظ( الكفاية) ولو كان هذا اللفظ موجوداً بوصفه مصطلحاً ؛ لاتفق أرباب اللغة على العناية به وإعطاء مفهوم له إذا ما علمنا أنّ الاصطلاح اتفاق طائفة على موضوع اللفظ بأزاء المعنى , وأخراج الشيء من معنى لغوي إلى آخر , وفي الوقت نفسه هو رمز لغوي يتألف من الشكل الخارجي والتصور(8) , فلم يكُ المصطلح متداولاً  بينهم لذا لم يكُ المفهوم حاضراً لمصطلح (الكفاية) , في حين كان مصطلح ( الملكة أو السليقة , أو الفطرة) مقابلاً لهذا المصطلح – كما سيأتي - ؛ لكون المفهوم واحداً لهذه المصطلحات.
الكفاية التواصلية في المدرسة الألسنية
وفي الدراسات الألسنية نجد لفظ (الكفاية) متداولاً - اصطلاحاً  ومفهوماً –  إذ استعمل لفظ (الكفاية) مقابلاً للمصطلح الإنكليزي (Competence ) الذي يشير إلى : (9)
-    مفهوم القدرة التي تكمن عند الفرد وتمّكنه من انتاج عدد لا متناه من الجمل
-    الملكة اللسانية , أي الآداء الكلامي .
وهاتان الإشارتان  وجدت عند (تشومسكي (Chomsky في حديثه عن اللغة ؛ لكونها تنتمي إلى اللغة التي هي نظام ثابت من المبادئ المولّدة التي تمّكن كلّ واحد منها من إنتاج عدد لا نهائي من الجمل ذات المعنى في لغته , كما تمّكنه من التعرف التلقائي على الجمل ؛ لكونها تنتمي إلى هذه اللغة ، أنّ (تشومسكي (Chomsky نظر إلى الإنسان على أنّه صاحب اللغة فسماه (المتكلم السامع المثاليideal speaker hearer) (10) في مجتمع لغوي متجانس يعرف لغته معرفة كاملة
فلا بدّ من الإشارة إلى  الكفاية اللغوية ( الآداء اللغوي ) قدرة انتاج اللغة ومن ثم الكفاية التواصلية التي تعني عند (دل هايمز) "هي مجموعة القدرات التي تمكن من اكتساب اللغة واستعمالها وتوظيفها نطقا وكتابة في مختلف مجالات التواصل(16) .
 
الكفاية التواصلية في التراث اللغوي
أنّ الفكر اللغوي العربي له البدء في ذكر كثير من القضايا المتعلقة بالبحث اللساني المعاصر , ولاسيما الكفاية التواصلية هذا المصطلح الذي ارتبط عند المفكرين من أرباب اللغة بـ( الفطرة أو السليقة أو الملكة  اللغوية) التي تعني القدرة على اكتساب اللغة , وهذا يعني أنّ المصطلحات الآنفة الذكر في تراثنا اللغوي تقابل مصطلح الكفاية التواصلية ؛ لكونها تعطي المفهوم نفسه , وقد ارتأى الباحث أن يبين مفهوم الكفاية التواصلية بالمصطلحات المذكورة على ثلاثة اتجاهات يمكن بيانها على النحو الآتي :
الأول : الإتجاه اللغوي ويمثله علماء اللغة ولعلّ أبرزهم ابن فارس , وابن جني , فالأول تنبه إلى أنّ اللغة تؤخذ اعتيادياً ( الإكتساب الفطري) من طريق الاستماع مشيراً إلى أنّ الصبي العربي يسمع من أبويه وغيرهما , فهو يأخذ اللغة عنهم على مرّ الأوقات , وبحسب رأيه تكون اللغة سليمة إذا أخذت من أصل الأمانة والصدق والعدالة (24) , وهذا يبين أنّ اللغويين تنبهوا إلى مسألة الاكتساب الفطري للغة منذ الصغر تلقيناً من الأبوين أو غيرهما , ونشأتهم عليها , وإذا ما نشأ على لغته وجبل عليها يجد ذلك العربي غرابة فيما هو – دخيل أو غريب – عليها , والثاني أعني ابن جني ذكر قصة أّنّه سأل رجلاً كيف تقول : " ضربت أخوك " , فقال : أقول : " ضربت أخاك " فأدرته على الرفع فأبى , وقال : لا أقول : أخوك أبداً , فقلت كيف تقول : ضربني أخوك ؟, فرفع , فقلت : ألست زعمت أنّ لاتقول أخوك أبداً ؟ , فقال : أيش هذا ؟ اختلفت جهة المكان
الثاني : الإتجاه البلاغي النقدي , وأبرز من تصدى لهذا الجاحظ والجرجاني ,  كان لأصحاب هذا الإتجاه رأي في الكفاية التواصلية " الاكتساب الفطري للغة " , وأول من وقف على هذا المفهوم العالم البلاغي الجاحظ إذ كانت له إشارتان مهمتان في هذا الصدد ذكر في الأولى كيفية اكتساب الطفل للغة , وإنّ ذلك لا يكون بمحظ إرادته , وإنّما " الفطرة " لها أثر في ذلك قال : " الميم والباء أول ما يتهيأ في أفواه الأطفال كقولهم : ماما وبابا ؛ لأنّهما خارجان من عمل اللسان , وإنّما يظهران بالنقاء الشفتين (27) , وهذه الظاهرة – اكتساب الطفل للغة - تنبه إليها الجاحظ مبيناً قدرة الأطفال " فطرياً "على اكتساب اللغة من الوسط الذي يعيش فيه , وأمّا الإشارة الأخرى فهي عملية اكتساب اللغة الثانية بعد التقدم في السّن إذ يرى إمكانية تعلم الكبير غير لغته التي نشأ عليها , لكنّ تعليمه واكتسابه لها يكون بصورة غير صحيحة قال : " فأمّا حروف الكلام فإنّ حكمها إذا تمكنت في الألسنة خلاف هذا الحكم , ألا ترى أنّ السّندي إذا جُلب كبيراً فإنّه لا يستطيع إلا أن يجعل الجيم زاياً ولو أقام في عليا تميم , وفي سفلى قيس وبين عجز هوازن خمسين عاماً , وكذلك النبطي القُحُ خلاف المغلاق الذي نشأ في بلد النَّبط ؛ لأنّ النَّبطي القُحُ يجعل الزاي سيناً, فإذا أراد أن يقول : زورق , قال : سورث , ويجعل العين همزة , فإذا أراد أن يقول : مُشمعل , قال : مشمئل ، وأمّا عبدالقاهر الجرجاني فقد بين قدرة المتكلم على صناعة الكلام وتنوعة وذلك في حديثه عن النظم ومزاياه من جانب وووضعة للمعايير الأولى للنظرية التواصلية , ففي نظرية النظم بيّن لنا الجرجاني أنّ النظم لايعني تعلم قواعد النحو وإنّما معرفة معانيه وأحكامه قال: " ليس النظم إلا أنّ تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النحو وتعمل على قوانينه وأصوله , وتعرف مناهجه التي نُهجت فلا تزيغ عنها , وتحفظ الرسوم التي رُسمت لك"
 الثالث : إتجاه علماء اللغة الاجتماعيين السلوكيين , ولعلّ أبرز من وضع بصماتها الأولى ابن خلدون ,  الذي أدرك أنّ اللغة كامنة في المجتمع , وهي نتاج احتكاك أفراد المجتمعات فيما بينها وبخاصة في حالة تداخل نظامين لغويين أو أكثر مما يؤدي إلى إنتاج حركية في التأثير والتأثر بين اللغات المحتكة ، أمّا الاكتساب اللغوي فهي من بين الظواهر التي اهتم بها ابن خلدون , الظاهرة التي سماها ( تحصيل الملكة) لذا نجده يميز بين نوعين من الاكتساب اللغوي :
الأول :  يرى أنّ المتكلم من العرب حين كانت ملكة اللغة العربية موجودة فيهم ، يسمع كلام أهل جيله وأساليبهم في مخاطباتهم وكيفية تعبيرهم عن مقاصدهم ؛ كما يسمع الصبي استعمال المفردات في معانيها ؛ فيلقنها أولاً ، يسمع التراكيب بعدها فيلقنها كذلك . ثم لا يزال سماعهم يتجدد في كل لحظة ومن كل متكلم ، واستعماله يتكرر إلى أن يصير ذلك ملكة وصفة راسخة ويكون كأحدهم"(35) , ويرى أنّ هذه ( الملكة ) إنّما تحصل بممارسة كلام العرب , وتكرره على السمع والتفطن لخواص تراكيبه وليست بمعرفة القوانين العلمية في ذلك, وافترض أنّ  صبياً من صبيانهم لو نشأ وتربى في جيلهم , فإنّه يتعلم لغتهم ويحكم شأن الإعراب والبلاغة فيها(36).
الثاني : الاكتساب اللغوي لغير الناطقين بلغة العرب وهم مضطرون للنطق بغير لغتهم فهم لا يملكون - حين تأخر الزمن – ملكة اللسان المطلوبة , فقد ذهبت عنهم وبعدوا عنها , وعليه فهم لا يحصلون على إجادة اللسان ( الكفاية التواصلية )  بل يحصلون على أحكامه فقط ( الكفاية اللغوية ) , أمّا إذا طلبوا تحصيل هذه ( الملكة ) فستجيء ناقصة أو مخدوشة ؛ لأنّهم قد سبق لهم ملكة أخرى للغاتهم الأصلية , وهذه تفوق تمام الملكة الجديدة (37) , فهؤلاء العلماء لهم باع في هذه النظرية ( الكفاية التواصلية ) ، وإذا  رجعنا إلى (دل هايمز) نجد  الكفاية التواصلية تستند عنده إلى :
الأولى : مفهوم المخزون اللغوي عند المتكلم , أي القدرة من الكلام والأساليب المحددة تحديداً سياقياً , تبين التقييد في العملية الإتصالية.
 الثانية : مفهوم العادات اللغوية أو الروتين , أي تنظيم المحكي تنظيماً يومياً متصلاً وتنظيم التفاعلات اليومية , تبين المرونة في العملية الإتصالية .
الثالثة :المحيط الاجتماعي للسلوك اللغوي , أي استعمال التنويعات اللغوية استعمالاً محدداً تحديداً سياقياً  تبين التنوع في العملية التواصلية .:
وظيفة الالسن مقاربة لسانية بين ابن جني واندريه ماوتينه
-    وظف له توظيفاً على الصبي كلّ يوم حفظ آيات من كتاب الله تعالى ؟
-    وظف الشيء على نفسه , ووظفه توظيفاً : ألزمها إياه ؟
-    يقال : أمر يظفهم , أي : يتبعهم كأنّه يجعل وظيفة بأزاء وظيفة ؟
-    وظيفة من الرزق , كما يقال : وظيفة في العمل , وهو لفظ مولد(2)
-    ما يستند إليه عمل ليؤديه.
       ويبدو أنّ المعجميين لم يصرحوا بدلالة اللفظ على { الدور} من جانب , ولم يذكروا مصطلح { الوظيفة اللغوية } بما يضّمن من دلالات { تواصلية اللغة } , أو الدور الذي يقوم فيه { بالربط بين مكونات التراكيب الجملية } , بيد أنّ مفهوم هذا المصطلح كان حاضراً في أورقة علماء العربية بالمعنى الذي ذكره الألسنيون
وقد أشار إلى الملمح في تراثنا اللغوي ثلاثة لغويين معاصرين :
الأول : ( المتوكل ) الذي يرى " أنّ الأنتاج اللغوي العربي القديم يؤول إذا عدّ في مجموعة ( نحو , بلاغة , اصول فقه , تفسير ) أي : منظور ينتظم مبادئ وظيفية " (5).
الثاني :  (جعفر دك الباب )الذي يرى " أنّ بين نظرية النظم لعبد القاهر الجرجاني وبين نظرية ماثييزوس الوجهة الوظيفية للجملة , ونقاط تقاطع عديدة تدلّ على تقاربهما الوظيفي ، ويرى الباحث أنّ ملامح الوظيفية اللغوية بدت واضحة في الفكر اللغوي عند الخليل وتلامذته ولاسيما سيبويه , وتجلى ذلك واضحاً في نظرية العامل , وهذه النظرية هي رصد العلاقات المعنوية واللفظية في التركيب (8) وكذلك رصد العلاقات التخاطبية بين المتكلم والمستمع , ونجد هذا الملمح في نظرية التعليق للجرجاني أيضاً , إذ إنّ التعليق يحدد بوساطة القرائن معاني الاشتقاق وتفسير العلاقات بينها على صور أوفى وأفضل وأكثر نفعاً في التحليل اللغوي لهذه المعاني الوظيفية
اللفظ المزدوج " التقطيع المزدوج "
   اللفظ المزدوج للغة  أو التقطيع المزدوج ترجمة للمصطلح اللساني { Double Articutation  } وهي ظاهرة تدخل في إطار اهتمام اللسانيين بقضية التقطيع على مستوى الدال والمدلول , وهي قديمة بمفهومها , إذ تمتد جذورها  - محللة - على يدّ علماء العربية كالخليل وسيبويه , إذ إنّها لم تقتصر على اللغة العربية فحسب وإنّما عُرفت في كلّ اللغات , ولكن بدرجات متفاوتة , يتأثر بها التركيب والصوت (37) , ووجدت في لغتنا على صور متعددة كـ حذف كلمة مقابل وجود علامة اعرابية  تنوب عنها , ونظرة صوتية من طريق ما تؤديه الأصوات من معنى , أو بناء الكلمة أو تركيبها , وعلى هذا يكون معنى { التقطيع المزدوج }  كما جاء عنده : أنّه مرتبط بشرط الجهد الأقل , واذاً فهو بُعدُّ مصدراً آحراً من مصادر تغيير المعنى(38) , وعلى الرغم من اصطلاحية اللفظ لسانياً , نجد (ابن جني) تناول هذه الظاهرة على النحو الآتي :
أولاً : إذا كان المقطع تتابع من الأصوات الكلامية له حدّ أعلى أو قمة إسماع طبيعية - بغض النظر عن العوامل الأخرى مثل النبر والتنغيم - تقع بين حدين أدنيين من السماع (39)  , فهل عرف ( ابن جني) المقطع ؟ وللوقوف على ذلك أذكر الآتي :
-    أورد مصطلح المقطع للدلالة على مخرج الحرف  ولم يقصد ما يدلّ عليه المفهوم الحديث قال : " أعلم أنّ الصوت عرض يخرج مع النفس مستطيلاً متصلاً حتى يعرض له في الحلق والفم والشفتين مقاطع تثنية عن امتداد واستطالة , فيسمى المقطع أينما عرض له حرفاً, وتختلف الحروف بحسب اختلاف مقاطعها "(40) .
-    أورد المقطع بوصفه مفهوماً يفيد الصيغ العربية قال " أنّ ياء نحو ميزان , وميعاد , انقلبت عن واو ساكنة ؛ لثقل الواو الساكنة بعد الكسرة , وهذا أمر ليس في معرفته , ولا شكّ في قوة الكُلفة في النطق به , وكذلك قلب الياء في موسِر, وموقِن واواً  ؛ لسكونها وانضمام ما قبلها , ولا  توقف في ثقل الياء الساكنة بعد الضمة ؛ لأنّ حالها في ذلك حال الواو الساكنة بعد الكسرة , وهكذا كما تراه أمر يدعو الحسّ إليه  " , ومن ذلك تسكينه لام الفعل إذا اتصل بها علم الضمير المرفوع , نحو ضربت وضربن , وضربنا ؛ لأنّهم أجروا الفاعل هنا مجرى جزء من الفعل (41).
ثانياً :  قسم الدلالات من حيث القوة والضعف على ثلاث مراتب , فأقواهن الدلالة اللفظية ( الصوتية)  , والدلالة الصناعية ( الصرفية) , والدلالة النحوية ( التركيبة) , وإنّ سبب قوة الدلالة اللفظية عن سائر الدلالات الأخرة  أنّ معرفتها تتوقف على الأصوات المكونة للكلمة ألأ ترى إلى قام ودلالة لفظه على مصدره (42) , وإذا ما نظرنا إلى المراتب الثلاث نجد أنّه بدأ بالمرتبة الصوتية ؛ لكونها الأقوى متدرجاً إلى أعلى مرتبة وهي النحوية , وعلى هذا يمكن أن تكون المراتب التي ذكرت على النحو الآتي:

ولــ ( مارتينه ) وقفة مع التقطيع المزدوج , ولاسيما في كتابه (مبادئ اللسانيات العامة ) الذي ذكر فيه مصطلح التقطيع , وتعريفه , وتقسيماته , فيعرف التقطيع للغة وهو " ذلك الذي يقوم على أنّ كلّ  ظاهرة من ظواهر التجربة البشرية نريد تبليغها , أو كلّ حاجة من حوائجنا نود تعريف غيرنا بها تحلل إلى متوالية من الوحدات لكلّ منها صورة صوتية ومعنى"(46) , ويذكرمفهوم التقطيع عند تعبيره عمّا يعنيه بـ  ( لسان) , قال : " فاللسان أداة تبليغ يتمّ وفقها تحليل التجربة البشرية بكيفية مختلفة , عند كلّ قوم إلى وحدات ذات محتوى دلالي ومركب صوتي هي الكلمات , وإنّ المركب الصوتي يتقطع بدوره إلى وحدات متوالية هي الصوتيات , وتكون بعدد محدود في كلّ لسان إلا أنّ طبيعتها , وعلاقاتها المتبادلة تختلف أيضاً من لسان إلى آخر " (47) , ونلحظ في هذين المفهوين أموراً عدة وهي على النحو الآتي :
-    إنّ التقطيع خاص باللغة البشرية ؛ لكونها اصواتاً بها نعبر عن أفكارنا وتجربتنا .
-    اللغة هي عبارة عن أئتلاف بين مجموعة من الكلمات ذات محتوى دلالي ومركب صوتي .
-    إنّ الكلمة دليل هي وحدة ذات وجهين : وجه مدلول , وهو معناها أو قيمتها , ووجه دالّ يبينها بصورة صوتية , وهو مركب من  وحدات تُسمّى الصوتيات (48).
إنّ التقطيع المزدوج عبارة عن تقطيعين :
التقطيع الأول: الطريقة التي تُرتب التجربة المشتركة لدى كلّ أعضاء مجموعة لسانية معينة , وأنّه لا يمكننا أن نقوم بعملية التبليغ إلا في إطار هذه التجربة ... وإنّ كلّ وحدة من وحدات هذا التقطيع تمثل معنى وصورة صوتية لايمكن أن تحلل إلى وحدات متوالية دنيا ذات معنى (49) , إذ تقطع الجملة خطياً إلى وحدات لها معنى ( علامات , جمل , كلمات ..) , وتسمى مونيمات , نحو: فرّ جون المسكين .
{ Poor Jonh ran away} تحلل الجملة إلى مكونيين مباشرين هما :
-    Poor Jonh جون المسكين.
-    ran away  فرّ.
ثمّ يقسم كلّ منهما على مكونين مباشرين بحيث نحصل على أربعة مكونات هي :
ran  -away   -  Poor - Jonh
ثمّ تحلل away إلى مكونين نهائين هما : A - way
بحيث يمكن لكلّ واحد منها أن يتبدل في المستوى نفسه بمونيمات أخرى على الخط الاستبدالي , أو يمكن أن توجد في مكان آخر مركبة من مونيمات أخرى على الخط الكلي { الأفقي} " (50) , فالتقطيع الأول هو نتاج الزامي؛ لكونه فرض وجود المستوى التركيبي  , قال : " إننا لنلاحظ ما يمثل هذا التقطيع الأول من اقتصاد , ويمكننا أن نفترض نظاماً من التبليغ قوامه تناسب وضع ما معين , وظاهرة تجربة ما , لصرخة خاصة , لكنّه بمجرد التفكير في ما لا نهاية له من تلك الأوضاع , وتلك الظواهر المتعلقة بالتجربة نفهم أنّ ذلك النظام يمكن أن يقوم في المهام نفسه التي تقوم بها الألسن البشرية , وإنّه يجب أن يحتوي على عدد من الأدلة المتمايزة بقدر مهول لا تستطيع ذاكرة الإنسان حفظه , وإنّ بعض الاف الوحدات مثل ( راس - وجع  - وني - وي ) قابلة لسعة التأليف تمكننا من تبليغ عدد من الأشياء أكبر مما تمكننا منه ملايين الصرخات المختلفة , وغير القابلة للتقطيع " (51) .
التقطيع الثاني :عملية تقوم نتيجة التقطيع السابق لكلّ وحدة من الوحدات الدالة ( المونيمات ) تقطع بدورها إلى وحدات صغرى غير دالة بمفردها فالإشارة اللغوية قابلة للتحليل على وفق تتابع وحدات مميزة غير دالة , وأنّ الوحدات التي تنجم عن التقطيع الأول بدوالها , ومدلولاتها هي أدلة , وأدلة دنيا ؛ لأن كلّ واحدة منها لايمكن تحليله إلى متوالية من الأدلة(52) ,

ويرى (مارتينه) أن الاقتصاد اللغوي يبدو واضحاً في التقطيع الثاني قال : " يلاحظ ما يمثله التقطيع الثاني من اقتصاد فإنّ كان علينا أن نجعل لكلّ وحدة دالة دنيا ما يناسبها من نتاج صوتي خاص , وغير قابل للتحليل , فإنّه يلزمنا أن نميز بين الآلاف منها , وهذا ما لا يتوافق مع القدرات النطقية , ولا مع حاسة السمع للكائن البشري , فبفضل التقطيع الثاني يمكن للألسن أن تكتفي ببعض عشرات انتاجات صوتية متميزة تؤلف بينها ؛ لتحصل على صور صوتية لوحات للتقطيع الأول
ولو أنعمنا النظر نجد أنّ (ابن جني ) قد ركز على الدلالة اللفظية { الصوتية} ا  إذ جعلها أقوى الدلالات , وتُعدُّ بمثابة القاعدة الأساسية للدلالتين { الصناعية } , و { المعنوية }  هذا من جانب ومن جانب آخر نلحظ من طريق هذا التقسيم الدلالي تقطيعاً مزدوجاً الذي يبدأ من الدلالة المعنوية أي : التركيب النحوي - قام زيد - إذ نوه على أنّ الفعل " قام " قد عرفنا حدثه , وزمنه , ولكي يكتمل التركيب الدلالي المعنوي لابدّ لهذا الفعل من فاعل { زيد}  أي : أنّ الجملة الإسنادية تُقطع إلى فعل وفاعل, ومن ثمّ ينتقل إلى التقطيع الثاني وهو معرفة الصيغة التي جاء بها الفعل , أمّا التقطيع الثالث فهو الدلالة اللفظية  - دلالة اللفظ على المصدر - وعنده تُعدّ أقوى الدلالات , والسبب في قوتها أن معرفتها تتوقف على الأصوات المكونة للكلمة " ألا ترى إلى قام ودلالة لفظه على مصدره , ودلالة بناءه على زمانه ودلالة معناه على فاعله (43) , دلالته بلفظه ( حروفه ) دلالة وظيفة مطّردة على القيام والحدث , وهذه الدلالة تستمد من الدلالة الصوتية { اللفظية }  من إنّها إطار اللفظ , والقالب الذي تصب في الألفاظ , وتبنى على منواله (44) , قال في أثناء حديثه عن الدلالة الصوتية التي تعتمد على تغيير مواقع الفونيمات : " ومن ذلك قولهم صعَد وسعَد فجعلوا الصاد - لأنّها أقوى - لما فيه أثر مشاهد يُرى , وهو الصعود في الجبل والحائط , ونحو ذلك , وجعلوا السين - لضعفها - لما لا يظهر ولا يشاهد حساً إلا أنّه مع ذلك فيه صعود الحد لا صعود الجسم.
  .

المزيد من الاخبار

نافذة استلام البحوث العلمية

ابحث في موقعنا

جدول النشاطات الشهري

الشكاوى والمقترحات

أحصائيات

عدد الزوار حاليا : 26
عدد زوار اليوم : 664
عدد زوار أمس : 1074
عدد الزوار الكلي : 1538963

من معرض الصور

اشترك بالنشرة البريدية

أسمك  :
أيميلك :
 

بوابة الحوكمة الالكترونية