ندوة عمامة التاريخ وسوسيولوجيا الأفندي
2011-05-16
عمامة التاريخ وسوسيولوجيا الأفندي
عقد قسم الدراسات الاجتماعية في بيت الحكمة بالتعاون مع كلية الآداب /جامعة بغداد حلقته النقاشية الموسومة (عمامة التاريخ وسوسيولوجية الأفندي:بحث في مفاعيل فضاء الشأن العراقي العام) للأستاذ والمفكر والباحث الدكتور متعب مناف جاسم وعقب عليه كل من الأستاذ المساعد الدكتور كريم محمد حمزة والأستاذ المساعد الدكتور سلام عبد علي ,وقد ترأس الجلسة الأستاذ الدكتور كامل المراياتي وبمعية المقررة الدكتورة فريدة جاسم وبحضور جمع متميز ونوعي من أساتذة كلية الآداب /جامعة بغداد والجامعة والمستنصرية فضلا عن عدد من الباحثين والصحفيين وطلبة الدراسات الأولية والعليا وذلك على قاعة الإدريسي /كلية الآداب يوم الثلاثاء الموافق 16/5/2011.
افتتح السيد رئيس الجلسة الأستاذ الدكتور كامل المراياتي الحلقة النقاشية برسم صورة واقعية عن الأهمية النظرية والميدانية لهذا الموضوع سيما وان هذه الحلقة تعًد تمهيدا لاستئناف قسم الدراسات الاجتماعية في بيت الحكمة لمشروعه الاستراتيجي الموسوم( دراسة الشخصية العراقية),وبعدها شكر عمادة كلية الآداب ورئاسة قسم علم الاجتماع على استضافتهم لهذه الحلقة النقاشية كما رحب بالأستاذ الباحث الدكتور متعب مناف وبالسادة المعقبين وبالسادة الحضور,طالبا من الباحثين بإلقاء ورقتهم البحثية.
ابتدأ الدكتور متعب مناف ورقته البحثية بجملة من الأسئلة المفتاحية كما يسميها والتي كانت محاولة لإعادة تحليل ثيمة لكتاب السوسيولوجي بعنوان (العمامة والأفندي: سوسيولوجيا خطاب حركات الاحتجاج الديني) وتساؤلاته تتعلق بـ (لماذا ترتبط العمامة مع التاريخ وتقترب السوسيولوجيا إلى حد الانسجام مع الأفندي ؟وما هو انعكاس إن يعمر التاريخ/تاريخنا العمة ويلبسه,في حين يترجل الأفندي السوسيولوجيا على التحرك/السلوك السياسي للفاعلين/اللاعبين في فضاء الشأن العراقي العام راهنا.
ثم يوضح الدكتور متعب بان هذا الكتاب هو محاولة لفهم العلاقة بين المقدس والدنيوي في مناشئ حركات الاحتجاج الدينية في العراق بمقارنة مضمرة في الأغلب مع إيران اعتمادا على الأدوات النظرية لسوسيولوجيا الدين وعلى مناهج البحث الأكاديمية. ثم يضيف بان هنالك عديد مما يتطلب توضيحه لأنه يرتبط بتساؤل مهم وهو:كيف يخاطب الداخل العراقي سوسيولوجيا؟فهل كتاب فالح عبد الجبار الذي صدر باللغة الانكليزية كان مؤثرا في مخاطبة الداخل العراقي وبلغة الخارج،انطلاقا من إن أكثر الخطوط فاعلية للتأثير في الداخل هو أن يأتي من الخارج لما يحمله من سطوة/قوة ثقافية لأنه يصدر في وسط ولغة لهما ثقلهما في ميزان القوة والحضارة. وللتعمق في فهم خلفيات ودوافع من خاطبوا الداخل العراقي سوسيولوجيا بلغات أجنبية عرض الدكتور متعب مؤلف آخر له علاقة بالموضوع ذاته وهو كتاب(المجتمع العراقي :حفريات سوسيولوجية في الأثنيات والطوائف والطبقات لمجموعة مؤلفين عراقيين وأجانب منهم المؤلف فالح عبد الجبار في بحثه (الطبقة,التأريخ ,المجتمع) إذ أورد فيه تقويما لكتاب حنا بطاطو الموسوعي عن الطبقات الاجتماعية القديمة والحركات الثورية في العراق عام(1982) ففصول هذا الكتاب يقدم للقارئ العراقي جهدا مختلفا في المنهجية والمقاربة,فثمة مقاربتان رئيستان في فهم المجتمع العراقي الأولى ينظر إليه بمنظور تشكيل الطبقات الحديثة .والثانية ينظر إليه من منظور الطوائف والجماعات, وهنالك مقاربة ثالثة تحاول أن تؤلف بين هاتين المقاربتين.
ويكرر الدكتور متعب في ثنايا عرض ورقته البحثية السؤال المحوري وهو هل نجح فالح عبد الجبار من خلال مؤلفه أن يخترق العوارض الإسمنتية لرهاب الأجانب ويصل المجتمع العراقي فيدركه واقعا؟) ثم يضيف الدكتور متعب متسائلا هل إن العمامة والأفندي ثنائية أم ازدواجية؟وأخيرا يؤكد إن السجال التاريخي يقرأ انطلاقا من الظالمية والمظلومية وما هي الحصة الديمغرافية لكل منهما,عندها تكون العمامة أصيلة لأنها الأقرب إلى التاريخ فهي بالتالي أقرب إلى الهوية الفاعلة.أما الأفندي فقد يوسم بالهجين ويشكك في ولائه إلى حد التخوين لذا فهو يمثل الهوية العاطلة إن لم تكن المغتربة.
وبعد ذلك عقب الدكتور كريم حمزة على موضوعة الحلقة النقاشية موضحا ان المؤلف فالح عبد الجبار يعد باحثا ضليعا,كما انه شديد الحرص على ان يستلهم منهج حنا بطاطو ,وان يواصل التقريب بين ماركس وماكس فيبر مؤمنا بان ماركس وماكس لا يفرقهما سوى (الراء)وهو حرف لا وجود له :لا في كلمة دين,ولا في كلمة طبقة ولا طائفة, وبالتالي يسهل وضعها جميعا في سلة واحدة.
ثم يسترسل الدكتور كريم تعقيبه بتساؤل مهم هو هل هذا الكتاب يدخل في علم اجتماع الدين أم في علم الاجتماع السياسي أم فيهما معا,أم انه محاولة للتوثيق التاريخي ,كما يطرح تساؤل آخر وهو لماذا يختلف الشيعة مع أنفسهم إلى هذا الحد؟لماذا فشلت فكرة البيت الشيعي,وباعتقاده إن الحركات الشيعية يجب أن تنمي إدراكا مؤلفا من العناصر الآتية:-
§ الهوية الشيعية لا يمكن أن تكون إلا هوية وطنية.
§ إن الهوية الوطنية ذات تكوين تعددي.
§ إن الدولة بكل مؤسساتها للشارع, وليس العكس.
§ إن هناك حاجة لعقد جديد بين المجتمع والدولة.
وبعد ذلك عرض المعقب الثاني الدكتور سلام عبد علي ورقته البحثية بمقولة للأستاذ سامي زبيدة بشأن هذا الكتاب إذ يقول فيه إن هذا الكتاب ينطوي على ثروة من المعلومات والاكتشافات عن العراق مجتمعا وسياسة,ويقدم لمحة تاريخية عن تشكل الدولة العراقية ومؤسساتها والقوى الاجتماعية التي صاغتها.ثم يوضح بان فالح عبد الجبار انطلق من فكرة تؤكد على أن أشكال التدين (الممارسة الدينية) يختلف اختلافا جذريا من مجموعة اجتماعية إلى أخرى (فكرة فيبر) ويبرر التمايز بين العقيدة النصية /القانونية طبقا لرجال الدين من ناحية (وهو دين أخلاقي فيبري بامتياز) ومن الناحية الثانية بين الطقوس والمواكب التعبيرية القائمة على أساس الجماعات المحلية وهو تدين شعبي ذو طابع دوركهايمي في أحياء المدن ومواطن الطبقات الدنيا الفقيرة ,وعليه فحركة الإسلام السياسي بصفتها نتاجا حداثيا ما بين الاثنين أو تتجاوزهما أو تحل بديلا عنهما في وحدة جيدة, والمقصود بهذا التمييز إرساء مفهوم ثقافة رجال الدين بوصفها متميزة عن ثقافة الشعائر والطقوس وبالنتيجة فان فكرة الإصلاح الديني هي فكرة جوهرية في هذا الكتاب, ولكن ما حقيقة هذا الإصلاح؟ وما اتجاهاته ومساراته؟ وما هي أهدافه؟هل هي تربوية كما عند محمد عبده واحمد خان؟ أو هي سياسية لإصلاح الدولة كما عند الأفغاني وخير الدين باشا؟
واختتمت الحلقة النقاشية بعد إلقاء الباحث والمعقبين ورقتهم البحثية ومن ثم فتحت باب الحوارات والمناقشات والتساؤلات التي أضافت قيمة أخرى للحلقة العلمية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ,ثم تقدم السيد رئيس الجلسة بشكر الباحثين على الأفكار النيرة التي طرحوها وعلى الدور الفعال والحيوي الذي تميزت به الحلقة .
أ.د. كامل المراياتي
مشرف قسم الدراسات الاجتماعية